ومع هذا فإن «فاجنر» يذكر الحب مقرونا بالضعف، ولكن بضعفنا نحن، لا بضعف الحب نفسه، ولذلك يقول: «الحب ضعف فطري، ورثناه عن الإنسان الأول.»
والحب في نظر فريق من الناس نزاع لا بد فيه من غالب ومغلوب .. إنه حرب .. والحرب قوة وخدعة كما نعرف.
يرى نابليون أن «الانتصار في الحب هو الفرار منه.» ويشاركه «بترارك» في رأيه هذا إذ يقول: «في معركة الحب، الفرار انتصار!»
ولكي يدلل «قاسم أمين» على قوة الحب، نراه يشبه الحب بالنار فيقول: «أكثر الناس لا يفهمون من الحب إلا أنه تمتع يشبه أكلة لذيذة، وإذا حضرت أكلوها هنيئا، وإذا غابت استعاضوها بغيرها. والحقيقة أنه إحساس عميق يستولي على النفس كلها ويجعلها محتاجة إلى الاختلاط بنفس أخرى احتياجا ضروريا كاحتياج العليل إلى الشمس، والغريق إلى الهواء. نار تلهب القلب لا يطفيها البعد ولا يبردها القرب، بل يزيدها اشتعالا. ومرض يقاسي فيه العاشق عذابا يظهر باحتقان في مخه، وخفقان في قلبه، واضطراب في أعصابه، واختلال في نظام حياته. يظهر في الأخص في الأكل وفي النوم وفي الشغل، ويجعله غير صالح لشيء سوى أنه يقضي أوقاته شاخصا إلى صورة محبوبته مستغرقا في عبادتها، ذاكرا أوصافها وحركاتها وإشاراتها وكلماتها. نظرة في عيون محبوبته، تملأ قلبه فرحا وتجعله يتخيل أنه ماش في طريق مفروش بالورد، أو راكب سحابة وطائر في المرتفعات العالية. في هذه اللحظة يكون سعيدا أسعد من أكبر ملوك الأرض، فإذا انقضت عاد إلى ما كان فيه من العذاب والألم.»
وتجرنا كلمات قاسم أمين الأخيرة إلى الحديث عن الحب وما فيه من سعادة وألم، وما يتضمنه من حلاوة ومرارة، وما يحويه من شهد وحنظل.
قال الشاعر:
سلني عن الحب يا من ليس يعلمه
ما أطيب الحب لولا أنه نكد
طمعان حلو ومر ليس يعدله
في حلق ذائقه مر ولا شهد
Shafi da ba'a sani ba