حصوننا مهددة من داخلها
حصوننا مهددة من داخلها
Mai Buga Littafi
مؤسسة الرسالة
Lambar Fassara
الثامنة
Shekarar Bugawa
١٤٠٤ هـ -١٩٨٣ م
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
من الحماقة ليس له ما يبرره، يرى الآخر أن الإِدمان على الشهوات هو عين الحماقة وقصر النظر. والمتدين يرى التفريط في العرض والعفاف شرًا، بينما يراه الوجودي مثلًا حماقة. والمتديّن يرى ضبط النفس فضيلة، بينما يراه الفرويدي شرا بسبب الكبت الذي يورث في زعمه أمراض النفس. والمسلم يرى اللص والقاتل مجرمًا تجب عقوبته والاقتصاص منه، والمتفرنج الذي يعقل بأذنيه ويقلد تقليد القرود يراه مريضًا خليقًا بالعطف. والتدين يرى صورة المرأهَ العارية قبيحة، لأنه يرى معها قبح نفس صانعها ودَنَس شهوته التي تخالط صنعته فتنفر منها نفسه، وقد يراها غير المتدين جميلة، لأنه لا يرى إلا مفاتنها، ولأنها تخاطب شهواته وحواسه وحدها ولا تخاطب ضميره وخلقه، أو هي تخاطب منه ضميرًا وخلقًا يخالف ضمير المتدين وخلقه على الأصح. وقيل مثل ذلك في كل ما يتصل بالخير والشر، والجمال والقبح، والحق والباطل. فهذا الذي يدعو إليه الكاتب، ويدعو إليه طه حسين وأضرابهُما من المتفرنجين، الذين يَدعون إلى انتحال ثقافة الغرب بغير نقد أو تمييز، لا شك أنه كما وصفه مصطفى صادق الرافعي ﵀: (نوع من المشاكلة بيننا وبينهم، ووجهٌ من التقريب بين جنسين يعين على إندماج أضعفهما في أقواهما. ويضيِّق دائرة الخلاف بينهما. ثم هو من أين اعتبرته وجدت فائدته للأوروبيين أشبه بتليين اللقمة الصلبة تحت الأسنان القاطعة. وهل نسي الشرقيون أنه لا حجة للغرب في استعبادهم إلا أنه يريد تمدينهم - وحي القلم ٣: ٢٠٥).
في حضارة الغرب مواضع للقوة كانت سبب مجده وسيادته وتفوقه، ولكن فيها مواطن للضعف تحمل جراثيم موته، وقد كانت سببًا فيما اعتراه أخيرًا من مظاهر الانحلال التي تصور أنه يسير في طريقه إلى الدمار والانهيار. فإِذا كان مفهومًا أن ننقل النافع الذي كان سببًا في مسجد الغرب، فكيف نفهم الدعوة إلى نقل الضار وقد كان سببًا في الخراب، الذي تبدو طلائعه لكل ذي بصيرة؟
يزعم الكاتب أن من غير الممكن اقتباس صناعات الغرب الآلية دون ثقافته. ويدَّعي أننا (لا يمكننا أن نتقدم في الصناعة الآلية ... دون نشر هذه الثقافة بين الشعب على أكبر مقياس ممكن) وأنه (لا فائدة في أن يصبح العامل
1 / 106