Hobbit Da Falsafa
الهوبيت والفلسفة: حين تفقد الأقزام والساحر وتضل الطريق
Nau'ikan
من ناحية، من وجهة النظر القصدية، يوجد مقصد داخل السؤال وإجابة للغز؛ ومن ثم يكون للسؤال معنى على الأقل. فهناك شيء في جيب بيلبو «بالفعل»، وهذا الشيء ذو دلالة ضخمة للقصة، ليس فقط فيما يتعلق ببيلبو وجولوم، بل بالأرض الوسطى ذاتها. بالإضافة إلى ذلك، فهو ليس شيئا لا يعرفه جولوم؛ فهو خاتمه، الذي سيكتشف فقدانه بعد قليل. ومن ثم يعلن بيلبو أنه قد فاز بالمنافسة بنزاهة (على الرغم من اعترافه بأن القوانين القديمة قد لا تعتبر لغزه الأخير لغزا حقيقيا).
من ناحية أخرى، ترى نظرية جادامير الحوارية للتأويل أن لغز بيلبو الأخير يخل بحس الحوار الذي يكسب أي تأويل معنى. بعبارة أخرى، ليست حقيقة أن هناك إجابة هي التي تفسد اللعبة فيما يبدو، ولكن حقيقة أن بيلبو قد أفسد روح النية الحسنة المبدئية السارية في اللعبة ذاتها. فسؤاله مجرد استفسار، وليس عبارة خبرية تقدم دلائل أو إشارات أو تنقل رسالة ما دون تأكيدها بشكل بالغ الوضوح. ولذلك تداعيات لفكرة اللعبة الأساسية؛ إذ يترك جولوم دون أفق لدمجه مع آخر. إذن ليس من المستغرب أن يوائم جولوم هذا السؤال ويفسر الرسالة في إطار خبرته بشكل بحت.
ونتيجة لذلك، حين يصل جولوم في النهاية إلى الحقيقة كما نعرفها - أن بيلبو قد «سرق» منه «خاتمه الثمين» - فإن ذلك يعد «صحيحا»، بشكل ما، فقط إلى حد أن جولوم قد صنع تلك الحقيقة من حواره الداخلي. إنه لا يستطيع أن يثبت بشكل موضوعي أن الخاتم بحوزة بيلبو، ولكن هذا لا يهم بالنظر إلى أسلوبه التأويلي. فجولوم، كما رأينا، ليس مقيدا بالنظر إلى معنى لغز بيلبو باعتباره متطابقا مع مقصده؛ لذا فهو له مبرره في التوصل إلى هذا الاستنتاج بمفرده. (6) الخروج من المقلاة
قد يدخل الفلاسفة في جدال عنيف بشأن ما إذا كان بيلبو قد فاز حقا بلعبة الألغاز أم لا. ولكن هدف هذا الفصل ببساطة كان يكمن في توضيح كيف أن لعبة الألغاز قد أطلقت مجموعة من المشكلات فيما يتعلق بمسألة التأويل، حتى في إطار قواعدها الراسخة نسبيا. فمشكلة التأويل لا تتوقف بمجرد انتهاء الألغاز الرسمية. فمن الفصل الافتتاحي ل «الهوبيت»، حين يواجه بيلبو وصول مجموعة من الأقزام المتطفلين وإن كانت زيارتهم متوقعة، يواجه بيلبو على مدار الكتاب تحديات بسيناريوهات مختلفة، التي لا بد أن يقوم بتأويلها وفهمها من أجل البقاء.
وسواء أكانت محيرة أم لا، كثيرا ما تكون الكلمات كالشخص المراوغ المخادع، يمكن أن تعني شيئا لشخص، فيما تعني شيئا مختلفا تماما بالنسبة إلى شخص آخر. حتى عبارة بسيطة مثل «صباح الخير!» يمكن أن تثير لساحر في حكمة جولوم مشكلات في الفهم: «هل تتمنى لي صباحا سعيدا، أم أنك تقصد أنه صباح سعيد شئت أم لم أشأ، أم تشعر بشعور طيب هذا الصباح، أم أنه صباح تسعد بالتواجد فيه؟»
17
كما مع العديد من فروع الفلسفة، كثيرا ما يكون أسلوبنا الدارج تجاه فلسفة التأويل مفترضا وليس مفندا (في الواقع، إن بيلبو لا ينبهر بتلاعب جولوم بالألفاظ). ولكن بينما قد يبدو من قبيل الغطرسة والادعاء أن نتحدث عن تأويل كتاب أطفال مثل «الهوبيت»، من المهم أن تدرك أن التأويل بالمعنى التفسيري شيء مستمر وقائم طوال الوقت، والكيفية التي نفسر بها المعنى ترتبط بشكل وثيق بتقاليد وافتراضات فلسفية معينة.
لا يمكننا مطلقا أن نوجد في موضع نرى منه العالم «كما هو في واقعه» خارج إطار تأويلنا (حتى لو استطعنا ذلك، سيعيدنا التعبير عن ذلك لأي شخص آخر إلى حيث بدأنا؛ إذ سيضطر بدوره لتأويل ما نقول). بينما تقرأ هذا الفصل، ربما ستكون بالفعل قد وضعت العديد من الافتراضات التأويلية الأساسية بشأن معنى النص، وكيف يمكن إثباته (هل معنى النص هو ذلك الذي قصدت، أنا المؤلف «المخادع»، أن يعنيه؟ أم هل هو ما تراه أنت، القارئ، أنه يعنيه؟ أم أنه شيء آخر؟)
في المقابل، نظرا لأنني أكتب هذا من أجل أن تفهم ما أحاول أن أقوله، فإنني أيضا أقيم افتراضات معينة بشأن طبيعة التواصل. على سبيل المثال، أنا أكتب باللغة الإنجليزية، حتى تزداد احتمالات أن يفهمني جمهور يتحدث تلك اللغة، تماما مثل روك الغراب، الذي يتحدث بالخطاب الدارج إلى الأقزام على الجبل الوحيد.
ولما كان الموقف كذلك، فإن من الصحيح أيضا أن مواقف معينة سوف تلفت انتباهنا إلى مفاهيمنا المفترضة عن المعنى والفهم بشكل أكثر حدة من غيرها. فحين نواجه رسالة غير واضحة أو غامضة، فنحن إذن داخل لعبة ألغاز، وكثيرا ما يبرز منهجنا التأويلي بشكل جلي.
Shafi da ba'a sani ba