وَغَيرهمَا وَالْعلم بأخبار التَّوَاتُر والآحاد والناسخ والمنسوخ وَغير ذَلِك مِمَّا توَافق عَلَيْهِ أَئِمَّة أهل الحَدِيث وَهُوَ بَينهم مُتَعَارَف فَمن أتقنها أَتَى دَار هَذَا الْعلم من بَابهَا وأحاط بهَا من جَمِيع جهاتها وَيقدر مَا يفوتهُ مِنْهَا تنزل دَرَجَته وتنحط رتبته إِلَّا أَن معرفَة التَّوَاتُر والآحاد والناسخ والمنسوخ وَإِن تعلّقت بِعلم الحَدِيث لَكِن الْمُحدث لَا يفْتَقر إِلَيْهِ لِأَن ذَلِك من وَظِيفَة الْفَقِيه لِأَنَّهُ يستنبط الْأَحْكَام من الْأَحَادِيث فَيحْتَاج إِلَى معرفَة التَّوَاتُر والآحاد والناسخ والمنسوخ فَأَما الْمُحدث فوظيفته أَن ينْقل ويروي مَا سَمعه من الْأَحَادِيث كَمَا سَمعه فَإِن تصدى لما رَوَاهُ فَزِيَادَة فِي الْفضل انْتهى كَلَام ابْن الْأَثِير
ثمَّ الحَدِيث متن وَسَنَد فالمتن هُوَ أَلْفَاظ الحَدِيث الَّتِي يقوم بهَا الْمَعْنى وَهُوَ أَعم من أَن يكون قَول الرَّسُول ﷺ أَو الصَّحَابِيّ أَو التَّابِعِيّ وفعلهم وتقريرهم فَالسَّنَد إِخْبَار عَن طَرِيق الْمَتْن وَهُوَ رِجَاله الَّذين رَوَوْهُ والإسناد هُوَ رفع الحَدِيث إِلَى قَائِله وهما متقاربان فِي معنى اعْتِمَاد الْحفاظ فِي صِحَة الحَدِيث وَضَعفه عَلَيْهِمَا وَقد يَجِيء الْإِسْنَاد بِمَعْنى ذكر السَّنَد والحكاية عَن طَرِيق الْمَتْن والمتن مَا انْتهى إِلَى الْإِسْنَاد وَمتْن الحَدِيث نَفسه لَا يدْخل فِي الِاعْتِبَار أَي فِي الْبَحْث عَن أَحْوَاله عِنْد أَرْبَاب الحَدِيث إِلَّا نَادرا بل يكْتَسب صفة من الْقُوَّة والضعف وَبَين بَين بِحَسب أَوْصَاف الروَاة من الْعَدَالَة والضبط وَالْحِفْظ وخلافها وَبَين ذَلِك أَو بِحَسب الْإِسْنَاد من الِاتِّصَال والانقطاع والإرسال وَالِاضْطِرَاب وَنَحْوهَا من الشذوذ والموقوفية
فَالْحَدِيث على هَذَا يَنْقَسِم إِلَى صَحِيح وَحسن وَضَعِيف إِذا نظر إِلَى الْمَتْن وَأما إِذا نظر إِلَى أَوْصَاف الروَاة فَقيل هُوَ ثِقَة عدل ضَابِط أَو غير ثِقَة أَو مُتَّهم أَو مَجْهُول أَو كذوب أَو نَحْو ذَلِك فَيكون الْبَحْث عَن الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَإِذا نظر الى كَيْفيَّة أَخذهم وطرق تحملهم الحَدِيث كَانَ الْبَحْث عَن أَوْصَاف الطَّالِب وَإِذا بحث عَن أسمائهم وأنسابهم كَانَ الْبَحْث عَن تعيينهم وتشخيص ذواتهم كَذَا قَالَ السَّيِّد الشريف
قَالَ ابْن خلدون فِي كتاب العبر وديوان الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَمن عينه
1 / 56