فَائِدَة أُخْرَى
كَانَت الْعَرَب فِي صدر الْإِسْلَام لَا تعتي بِشَيْء من الْعُلُوم إِلَّا بلغتهَا وَمَعْرِفَة أَحْكَام شريعتها وبصناعة الطِّبّ فَإِنَّهَا كَانَت مَوْجُودَة عِنْد أَفْرَاد مِنْهُم لحَاجَة النَّاس طرا إِلَيْهَا وَذَلِكَ مِنْهُم صونا لقواعد الاسلام وعقائد أَهله عَن تطرق الْخلَل من عُلُوم الْأَوَائِل قبل الرسوخ وَالْأَحْكَام حَتَّى يرْوى أَنهم أحرقوا مَا وجدوا من الْكتب فِي فتوحات الْبِلَاد وَقد ورد النَّهْي عَن النّظر فِي التَّوْرَاة والانجيل لِاتِّحَاد الْكَلِمَة واجتماعها على الْأَخْذ وَالْعَمَل بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله ﷺ وَاسْتمرّ ذَلِك إِلَى اخر عصر التَّابِعين ثمَّ حدث اخْتِلَاف الاراء وانتشار الْمذَاهب والأهواء فآل الْأَمر إِلَى التدوين والتحصين وَكَانَ الصَّحَابَة والتابعون لَهُم بِإِحْسَان لخلوص عقيدتهم ببركة صُحْبَة النَّبِي ﷺ وَقرب الْعَهْد اليه ولقة الِاخْتِلَاف والواقعات وتمكنهم من الْمُرَاجَعَة إِلَى الثِّقَات مستغنين عَن تدوين علم الشَّرَائِع وَالْأَحْكَام حَتَّى أَن بَعضهم كره كتارة الْعلم كَابْن عَبَّاس ﵁ لَكِن لما انْتَشَر الاسلام واتسعت الْأَمْصَار وَتَفَرَّقَتْ الصَّحَابَة فِي الأقطار وَحدثت الفنن وَاخْتِلَاف الرَّاء وَكَثُرت الفتاوي وَالرُّجُوع إِلَى الكبراء أخذُوا فِي تدوين الحَدِيث وَالْفِقْه وعلوم الْقُرْآن وَاشْتَغلُوا بِالنّظرِ وَالِاسْتِدْلَال وَالِاجْتِهَاد والاستنباط وتمهيد الْقَوَاعِد وَالْأُصُول وترتيب الْأَبْوَاب والفصول وتكثير الْمسَائِل بأدلتها وإيراد الشُّبْهَة بأجوبتها وَتَعْيِين الأوضاع والاصطلاحات وتبيين الْمذَاهب والاختلافات وَكَانَ ذَلِك مصلحَة عَظِيمَة وفكرة فِي الصَّوَاب مُسْتَقِيمَة فَرَأَوْا ذَلِك مُسْتَحبا بل وَاجِبا لقضية الْإِيجَاب الْمَذْكُور فِي القَوْل الْمَأْثُور الْعلم صيد وَالْكِتَابَة قيد وَمَا كتب قر وَمَا لم يكْتب فر
1 / 27