238

History of Andalusian Literature (Era of the Taifas and Almoravids)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

Mai Buga Littafi

دار الثقافة

Inda aka buga

بيروت - لبنان

Nau'ikan

وعبارات مستقلة في ذاتها وخرجة لطيفة رقيقة، فالأحكام بعامة هو صفتها الغالبة. أما ابن تيفلويت فربما زاد التلحين في طربه، ولكنه بين أنه شديد الابتهاج بحسن الفاتحة والختام لقوله لابن باجة " ما أحسن ما بدأت وما ختمت " فهو ينظر إلى الموشحة من حيث تأثيرها في نطاق معين. وأما ابن زهر، فانه فيما يبدو يحسد ابن بقي على قدرته الفائقة في صوغ الخرجة بأسلوب معرب مع سهولة بالغة حد المستوى العامي، وأما الأستاذ أبو جعفر فكان صريحا في نقده إذ دل على أن ما يعجبه في موشحته القزاز هو حسن الالتئام وسهولة الكلام، ولعل قوله " ما يندر وجود مثله في منثور الكلام " هو أبرع نقد للموشحة الأندلسية فان خروجها عن جادة التعقيد إلى أن تصبح كالأسلوب النثري أي إلى أن تصبح مستوية السياق، كأنها كلام عادي، أمر هام في نظر الأندلسيين يومئذ. ونستأنس هنا بقول ابن حزمون، وهو وشاح من العصر التالي، حين سمع موشحة لبعضهم: " ما الموشح بموشح حتى يكون عاريا عن التكلف " (١) .
من ثم نرى أن الموشح هو أول ثورة حققها الشعر العربي في إيثار الإيقاع الخفيف الذي يقرب الشقة بين الشعر والنثر، فأضعف من اجل ذلك العلاقات الإعرابية كثيرا، ذلك أننا نقول حقا أن الموشح معرب، ولكن الإسكان بالموقف في التجزئات القسيرة واختيار الألفاظ التي لا تظهر حركات الإعراب في أواخرها أمران يجعلان العلاقات الإعرابية ضعيفة ويحيلان الموشح إلى مستوى قريب من مستوى الكلام الدارج، إذ أين هي العلاقات الإعرابية في قول الوشاح:

(١) أزهار الرياض ذ: والمقتطف: ٤٣.

1 / 244