History of Ancient Arabs
تاريخ العرب القديم
Mai Buga Littafi
دار الفكر
Bugun
إعادة الطبعة الثانية ١٤٢٢هـ/ ٢٠٠١م
Nau'ikan
أهل الميت وولده لتعلمه بخبرهم. فأرواح أمواتهم تبقى بينهم، ومن المفروض عليهم تقديسها.
كان تقديسهم للسلف وعبادتهم لهم، ناشئًا عن حبهم وتقديرهم لأجدادهم العظام، وأبطالهم ورؤسائهم، كالذي أورد ابن الكلبي عن بني شيث بن آدم أنهم كانوا يأتون جسد أبيهم في المغارة التي دفن فيها، فيعظمونه ويترحمون عليه، فقال رجل من بني قابيل بن آدم: "يا بني قابيل! إن لبني شيث دوارًا يدورون حوله ويعظمونه، وليس لكم شيء" فنحت لهم صنمًا، فكان أول من عملها. كما قال ابن الكلبي: "كان ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر قومًا صالحين، ماتوا في شهر، فجزع عليهم ذوو أقاربهم، فقال رجل من بني قابيل: يا قوم! هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام على صورهم، غير أني لا أقدر أن أجعل فيها أرواحًا؟ قالوا: نعم، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم. فكان الرجل يأتي أخاه وعمه وابن عمه فيعظمه ويسعى حوله". وهكذا بمرور القرن بعد القرن استمروا على تعظيمهم قائلين: "ما عظم أولونا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله".
فعبدوهم، وعظم أمرهم واشتد كفرهم١.
وقد يعمد بعضهم إلى نصب الحجارة والشواهد على قبور أسلافهم المتوفين، فيطوفون حولها ويعبدونها بمرور الزمن؛ ولذا فإن الرسول ﷺ قد لعن المتخذين على القبور المساجد والسرج، ونهى عن الصلاة عليها، وأمر بتسوية القبور مع الأرض معتبرا أن "خير القبور الدوارس" كما أمر بطمس التماثيل.
١ ابن الكلبي: الأصنام، ص٥٠-٥٢.
عبادة الجن:
يقول "نولدكه": إن فكرة عبادة الجن عقيدة قديمة، وجدت عند أقوام من غير العرب، وتسربت إلى العرب من جيرانهم الشماليين. والواقع أن العرب تأثروا بمؤثرات خارجية متعددة الجوانب، ومنها العقائد الدينية.
كان من معتقدات الجاهليين أن بعض الأرواح تكون من الجن، وأن الجن وإن
1 / 288