Dokin Kore Ya Mutu a Kan Titunan Asphalt
الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت
Nau'ikan
تأليف
عبد الغفار مكاوي
إهداء
إلى صديقي المرحوم؛
ضياء الشرقاوي،
شجعتني على نشر هذه القصص، وتمنيت أن أهديها إليك يدا ليد، فهل تقبلها الآن من روح إلى روح؟
الشمس
الشمس تلسع وجهي، لهيبها يحرق عيني، «صهدها» يكتم نفسي. والطريق ما زال طويلا على أن أسير ساعة أخرى، ربما ساعتين على الأرض المحمية كالجمر في التراب الذي يخنق الصدر تحت الشمس التي لا ترحم. أضع حقيبة كتبي على رأسي، بعد لحظات تصبح هي الأخرى كأنها خارجة من فرن! أبحث عن شجرة أقف تحتها، لكن المزارع بعيدة، وعمال الطرق نسوا أن يزرعوا الأشجار. أشير للعربات أن تقف وتأخذني معها، لكنها تمرق من جانبي وتغمرني بعاصفة من التراب! لو كنت سمعت نصيحة أبي وأخذت معي الشمسية! لكن ماذا كان العيال يقولون؟ ماذا كنت أفعل لو ضاعت مني؟ وماذا كان يفعل أبي؟ هو اليوم راقد في البيت، أمي قالت لي: أبوك جسمه نار، سمعته يتأوه وأنا خارج في الصباح. ألقيت عليه نظرة من وراء الباب فوجدته عصب عينيه. بالليل كان يصرخ: ابعدوا عني! ابعدوا عني! أمي قالت: أبوك عنده حمى، الشمس لطشت دماغه، ربنا يلطف بنا.
الشمس تحرق رأسي، قرصها الملتهب يطبق علي، جسدي يرتعش. لو توقفت عن السير لحظة فسأقع على الأرض؛ والأرض أيضا ستشوي لحمي، وأمي لن تراني لتقول: يا رب الطف بنا؛ إنها لا تعرف شيئا، لم تكن هنالك لترى ما رأيت، لم تدر ماذا حدث؟
أمس وأنا راجع من المدرسة مررت على أبي. في كل يوم كنت أراه في وسط الأنفار؛ الشمسية فوق رأسه، والمنديل الأبيض معصوب على دماغه. كان الأنفار يحملون الطوب على ظهورهم، أو يخلطون المونة، أو يرشون الماء على البناية، أو ينزلون الزلط من العربات. كنت أجلس معه قليلا، ثم أتابع سيري إلى البيت. وأمس عندما اقتربت من البناية كان هناك حشد كبير لم أره من قبل؛ صياح وزعيق، أصوات تلعن وأصوات تستعطف، أفندية ومشايخ، نساء وأطفال، باعة وشحاذون. اندسست من بين الصفوف لأرى أبي في وسطهم. كان هناك رجل سمين أبيض الوجه يشخط فيه ويصرخ بأعلى صوته، هل كان هو الباشمهندس أو صاحب البيت؟ كان الرجل يصيح: أنت لا تسمع الكلام؛ قلت لك ألف مرة: هذا الشغل لا ينفع. أبي يرد عليه: يا سعادة البيه، أنا أنفذ الأوامر. الرجل يزعق: أنا هنا صاحب الأمر، الأوامر تأخذها مني. أبي يستعطف: أمرك على العين والرأس، الأوامر نفذناها. الرجل يصرخ: ولك عين ترد علي يا بهيم يا حمار! ذراع الرجل تمتد، يده غليظة وبيضاء وسمينة، وخد أبي يحمر، يصبح كالجمرة المحترقة، ووجهه يسود، يصبح كالفحم.
Shafi da ba'a sani ba