Hind Ma Bayan Gandhi
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Nau'ikan
وأثناء الحرب العالمية الثانية، خدم كثير من مسلمي بونش في الجيش البريطاني، فرجعوا من الحرب وقد اكتسبوا قدرا وافرا من الوعي السياسي، كحالة الجنود بعد تسريحهم من الجيش عادة. وكان حكم مهراجا كشمير قد واجه تحديا بالفعل في الوادي من الشيخ عبد الله وحزبه، وأضيف إلى ذلك تحد منفصل تمثل في رجال بونش.
ويوم 14 أغسطس، رفعت متاجر ومكاتب عدة في بونش الأعلام الباكستانية، معلنة ولاءها لها عوضا عن ولاية كشمير، التي كانت ما زالت غير تابعة لأي من البلدين. فسجل خلال الأسابيع التالية وقوع اشتباكات بين قوات دوجرا والمتظاهرين من أهل المنطقة. وبحلول بداية سبتمبر، كان عشرات من رجال بونش قد سلحوا أنفسهم ببنادق حصلوا عليها من «مصادر غير رسمية في باكستان»، وأنشئوا أيضا قاعدة في بلدة مري الباكستانية؛ حيث جمعت الأسلحة والذخيرة بغية تهريبها إلى كشمير عبر الحدود. وتقر الروايات الباكستانية لتلك الواقعة بأن كلا من رئيس الوزراء لياقت علي خان، وميان افتخار الدين - أحد كبار زعماء العصبة الإسلامية في البنجاب - كانا على علم بالمساعدات المقدمة لأهل بونش وأقراها. وقد أشرف على العملية عقيد في الجيش الباكستاني يدعى أكبر خان. كان خان قد جمع 4 آلاف بندقية من مخزون الجيش وحولها إلى الاستخدام في كشمير. الأغرب من ذلك أنه انتحل أثناء الحرب الاسم المستعار «الجنرال طارق»، تيمنا بمحارب أسطوري من المور قاتل المسيحيين في إسبانيا في العصور الوسطى.
25
وفي بونش، كان الموظفون والجنود المسلمون قد تركوا وظائفهم في الإدارات الحكومية وانضموا إلى صفوف المتمردين. وبحلول نهاية سبتمبر، لاحت بوادر نزاع خطير بين إحدى مناطق المعارضة وحكومة المهراجا هاري سينج، إلا أنه على الرغم من وقوع صدامات من حين لآخر، لم تندلع أعمال عنف كبيرة، ولم يحدث التحام مباشر. كانت بونش تقع على حدود غرب البنجاب؛ فكان بلوغ مدن باكستانية مثل راولبندي يسيرا من هناك، إلا أن المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية تبعد مسافة إلى الغرب؛ فهل سمع الغزاة من تلك المنطقة بالتمرد الذي كان يختمر في بونش، أم أنهم كانوا ينتوون المجيء على أي حال؟
تلك الأسئلة بدورها ليس في إمكان المرء تقديم إجابات شافية عليها، فكل ما نعرفه على وجه التأكيد هو أن الغزاة البشتونيين بعدما عبروا الحدود يوم 22 أكتوبر تقدموا بسرعة ملحوظة في زحفهم صوب الجنوب. وقد كتب المؤرخ مايكل بريشر يقول: «السمات الرئيسية للغزاة كانت تكتيكاتهم المفاجئة، وغياب أبسط صور الدفاع لدى جيش ولاية كشمير، والسلب والنهب والسطو الذي أعملوه في الهندوس والمسلمين على حد سواء.» أو مثلما عبر عنها باقتضاب أخصائي اجتماعي بريطاني خبير بكشمير، فقد ارتأى الغزاة البشتونيون «فرصة للتحلي بالفضيلة الدينية وكسب الغنيمة الوفيرة».
وما إن بلغ البشتونيون كشمير حتى تحركوا بسرعة إلى جنوب وادي جيلوم؛ فكانت محطتهم الأولى هي بلدة مظفر أباد المطلة على نهر كيشانجانجا، على بعد سبعة أميال فحسب من الحدود، وهناك كان مقر كتيبة مشاة من جيش جامو وكشمير، ولكنها كانت منقسمة إلى نصفين؛ إذ أعلن نصف الرجال - مسلمو بونش - عن سخطهم على المهراجا آنذاك، فسقطت الحامية، ولكن ليس قبل أن يفر بعض رجالها ويتصلوا بسريناجار هاتفيا للإبلاغ عما حدث، فأتاح ذلك للقائم بأعمال قائد قوات الولاية - العميد راجيندر سينج - أن يجمع مائتي رجل وينطلق صوب أوري - وهي بلدة تقع قرابة منتصف الطريق بين سريناجار ومظفر أباد.
كان الغزاة في طريقهم إلى أوري أيضا، ولكن العميد راجيندر سينج وصل إلى هناك أولا، ونسف الجسر الذي يربط البلدة بالشمال على سبيل الاحتياط، فعطل ذلك الإجراء الغزاة ثماني وأربعين ساعة، ولكنهم تمكنوا في النهاية من عبور النهر وسحق معظم رجال العميد. ومن أوري اتجهوا إلى موقع محطة الكهرباء التي كانت تغذي الوادي بالطاقة، فأطفئوا مفاتيح التشغيل مغرقين سريناجار في ظلام دامس.
26
لا ينبغي أن نندهش من التباين في تقديرات أعداد الغزاة؛ فوفقا لبعض التقديرات لم يزد عددهم عن ألفين، ووفقا لتقديرات أخرى بلغ عددهم 13 ألفا. ما نعرفه هو أنهم كانت في حيازتهم بنادق وقنابل يدوية، وأنهم تنقلوا في شاحنات. وقد لقي غزوهم لكشمير تشجيعا صريحا من عبد القيوم؛ رئيس وزراء المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية، بينما غض الحاكم البريطاني السير جورج كانينجهام الطرف عما يحدث، وكذلك فعل الضباط البريطانيون الذين كانوا يخدمون في الجيش الباكستاني. وقد ذكر الأمريكي مدون سيرة جناح أن: «الشاحنات والبنزين والسائقين لم يكونوا من عتاد القبائل التقليدية البتة، وقد نفذت عملية أكتوبر العنيفة التي أملت باكستان على ما يبدو في أن تمثل المحرك لانضمام كشمير إلى باكستان بعلم وتأييد الضباط البريطانيين، وكذلك المسئولين الباكستانيين على طول الطريق الباكستاني الشمالي الذي سلكته القبائل، حتى وإن لم ينظموها ويحرضوا عليها فعليا.»
27
Shafi da ba'a sani ba