Hind Ma Bayan Gandhi
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Nau'ikan
1
نالت الهند حريتها يوم 15 أغسطس عام 1947، إلا أن الهنود الوطنيين احتفلوا بأول «عيد استقلال» لهم قبل ذلك التاريخ بسبعة عشر عاما؛ ففي الأسبوع الأول من يناير عام 1930، أصدر المؤتمر الوطني الهندي قرارا خصص بمقتضاه يوم الأحد الأخير من ذلك الشهر لخروج مظاهرات في جميع أنحاء البلاد دعما للاستقلال الكامل؛ فقد استشعر أن من شأن ذلك أن يزكي الطموحات الوطنية ويجبر البريطانيين أيضا على النظر بجدية في مسألة التخلي عن السلطة. وقد أوضح المهاتما غاندي - في مقال بصحيفته «الهند الشابة» - كيفية الاحتفال بذلك اليوم فقال: «يستحسن أن تعلن قرى بأسرها الاستقلال، أو حتى مدن بأسرها ... والأفضل أن تعقد الاجتماعات كلها في اللحظة ذاتها في الأماكن كافة.»
واقترح غاندي الإعلان عن ميعاد التجمع بالطريقة المعتادة: دقات الطبول. تبدأ مراسم الاحتفال برفع العلم الوطني، ويقضى بقية اليوم «في القيام ببعض الأعمال البناءة، سواء كان ذلك بالغزل، أو خدمة «المنبوذين»، أو لم شمل الهندوس والمسلمين، أو النهي عن المنكر، أو حتى الجمع بين تلك الأعمال كافة، وهو ليس بالمستحيل». ويردد المشاركون قسما يؤكدون فيه أنه «حق غير قابل للتنازل عنه لشعب الهند - كأي شعب آخر في العالم - أن ينال الحرية ويستمتع بثمار تعبه»، وأنه «إذا حرمت أي حكومة الشعب من تلك الحقوق وقهرته، فللشعب الحق أيضا في تغييرها أو الإطاحة بها».
1
صدر القرار الذي اختص يوم الأحد الأخير من شهر يناير ليكون عيد الاستقلال في مدينة لاهور؛ حيث كان المؤتمر منعقدا في جلسته السنوية. وهناك اختير جواهر لال نهرو رئيسا للمؤتمر الوطني، تأكيدا لنجمه الصاعد بسرعة داخل الحركة القومية الهندية. ولد نهرو عام 1889 - بعد عشرين عاما من ميلاد غاندي - وكان نتاج مدرسة هارو وجامعة كامبريدج، وصار تلميذا مقربا للمهاتما غاندي. كان ذكيا فصيح اللسان، واسع المعرفة بالشئون الخارجية، ويحمل جاذبية خاصة للشباب.
وقد ذكر نهرو في سيرته الذاتية كيف أن «عيد الاستقلال أتى يوم 26 يناير 1930، وكشف لنا - في لمح البصر - المزاج المتلهف والمتحمس للبلاد؛ فقد كان ثمة شيء مبهر للغاية في تلك التجمعات الحاشدة في كل مكان، التي رددت قسم الاستقلال بصورة سلمية جادة دون أي خطابات أو مناشدات».
2
وفي تصريح صحفي أدلى به نهرو اليوم التالي، قدم «التهنئة المشوبة بالاحترام للأمة على نجاح المظاهرات الجادة والمنظمة»؛ فالمدن والقرى «تبارت في إبداء تمسكها المتحمس بالاستقلال» وتجمعت حشود هائلة في كلكتا وبومباي، ولكن الحشود التي تجمعت في المدن الأصغر حجما حظيت بحضور جيد بدورها.
3
وكل عام بعد عام 1930، احتفل الهنود المنتمون إلى فكر المؤتمر الوطني بيوم 26 يناير باعتباره عيد الاستقلال، إلا أن البريطانيين عندما رحلوا أخيرا عن شبه القارة الهندية، اختاروا أن يسلموا السلطة يوم 15 أغسطس عام 1947. اختار نائب الملك في الهند اللورد ماونتباتن ذلك التاريخ لأنه يمثل الذكرى السنوية الثانية لاستسلام اليابان لقوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية؛ إذ لم يرغب - هو والساسة الذين كانوا في انتظار تسلم مقاليد السلطة - في الانتظار حتى اليوم الذي كان البعض سيفضلونه؛ 26 يناير 1948.
Shafi da ba'a sani ba