وقد كان ابن فارس شافعيًا على مذهب أبيه، ثم صار مالكيًا في آخر أمره، وسئل عن ذلك فقال: "دخلتني الحمية لهذا الإمام المقبول على جميع الألسنة أن يخلو مثلُ هذا البلد - يعني الريّ - عن مذهبه، فعمرت مشهد الانتساب إليه، حتى يكمل لهذا البلد فخرُه، فإن الريّ أجمعُ البلاد للمقالات والاختلافات في المذاهب على تضادها وكثرتها" ...
وكان كثيرَ المناظرة في الفقه "وإذا وجد فقيها أو متكلما أو نحويا، كان يأمر أصحابه بسؤالهم إياه في مسائل من جنس العلم الذي يتعاطاه، فإن وجده بارعا جدلًا، جرَّه في المجادلة إلى اللغة، فيغلبه بها، وكان يحث الفقهاء دائمًا على معرفة اللغة، ويلقي عليهم مسائل ذكرها في كتاب سماه كتاب فتيا فقيه العرب، ويُخجلهم بذلك، ليكون خجلهم داعيًا إلى حفظ اللغة، ويقول: من قصر علمه عن اللغة وغولط غلط".
وهو يأخذ على رجال الفقه والحديث وقوعهم في اللحن فيقول: "وقد كان الناس قديما يجتنبون اللحن فيما يكتبونه أو يقرؤونه اجتنابهم بعض الذنوب، فأما الآن، فقد تجوَّزوا حتى إن المحدث يُحدث فيَلْحَنُ، والفقيه يؤلِّف فَيَلْحن. فإذا نُبِّها، قالا: ما ندري ما الإعراب، وإنما نحن محدثون وفقهاء! .. فهما يسران بما يساء به اللبيب.
1 / 10