218

Hilyat Bashar

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر

Editsa

محمد بهجة البيطار - من أعضاء مجمع اللغة العربية

Mai Buga Littafi

دار صادر

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

Inda aka buga

بيروت

فمن عرفني فقد اكتفى، ومن جهلني فسأبدو له بعد الخفا، أنا الهواء الذي أؤلف بين السحاب، وأنقل ريح الأحباب، وأهب تارة بالرحمة وأخرى بالعذاب، نصر الله بي محمدًا وصحبه الأمجاد، وأهلك الله بي قوم عاد، وأنا الذي تم بي ملك سليمان، وأجرى الماء في خدمتي بكل مكان، وسير بي الفلك في البحر كما تسير العيس في البطاح، وأطار بي في الجو كل ذات جناح، وأنا الذي ألعب بالطرر فوق الغرر، كما العب بلحى الجبابرة من البشر، وأنا الذي يضطرب مني الماء اضطراب الأنابيب في القناة والثعبان في الشعبان، وأنا الذي أميل قامات الأغصان، وأدني عارض الغيث وعذار الآس من خد الشقيق وشارب الريحان، إذا صفوت صفا العالم وكان له نضرة وزهو، وإذا تكدرت انكدرت النجوم وتكدر الجو، لا أتلون مثل الماء، المتلون بلون الإناء، لولاي لما عاش كل ذي نفس، ولولاي لما طلب الجو من بخار الأرض الخارج منها ما احتبس، ولولاي لما تكلم آدمي ولا صوت حيوان، ولا غرد طائر على غصن بان، ولولاي ما سمع قرآن ولا حديث، ولا عرف طيب المسموع والمشموم من الخبيث، فكيف يفاخر بي الماء الذي يشبه الله به الدنيا البغيضة، التي لا تعدل عنده جناح بعوضة، وأنا الذي أطير بلا جناح إلى جميع الجهات، وهو الذي يخر على وجهه ويمشي على بطنه كالحيات، وحسبي وحسبه هذا التفاوت العظيم " أفمن يمشي مكبًا على وجهه أهدى أم من يمشي سويًا على صراط مستقيم "، وحسب الاء ذمًا خلوه من الحرارة المشتقة منها الحرية، وكون الرطوبة فيه طبيعية غريزية، وأنا الذي سلم قلبي من القلب وإن كان من أحرف العلة، وهو الذي قلب الله قلبه، لتحركه وانفتاح ما قبله، وأنا الذي جعلني الله نشرًا بين يدي رحمته، وجعل مني طوفانًا استأصل به ما تركه

1 / 223