107

Hilyat Bashar

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر

Bincike

محمد بهجة البيطار - من أعضاء مجمع اللغة العربية

Mai Buga Littafi

دار صادر

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

Inda aka buga

بيروت

وأسباب الارتحال، فلما رأى أهل البلد منهم ذلك داخلهم الخوف الكثير والفزع، واستعد الأغنياء وأهل المقدرة للهرب، ولولا أن الأمراء منعوهم من ذلك لما بقي بمصر منهم أحد، وفي يوم الثلاثاء نادوا بالنفير العام وخروج الناس للمتاريس، فأغلق الناس الدكاكين والأسواق، وخرج الجميع لبولاق، فكانت كل طائفة من طوائف أهل الصناعات يجمعون الدراهم من بعضهم وينصبون لهم خيامًا ويجلسون في مكان خراب أو مسجد، ويرتبون أمرهم فيمن يصرف لهم ما يحتاجون غليه من الدراهم التي جمعوها، ويجعلون عليهم قيمًا يباشر ذلك، وبعض الناس يتطوع على بعض في الإنفاق، ومن الناس من يجهز جماعة من المغاربة والشوام بالسلاح والأكل وغير ذلك، بحيث أن جميع الناس بذلوا وسعهم وفعلوا ما في قوتهم وطاقتهم، وسمحت نفوسهم بإنفاق أموالهم فلم يشح أحد في ذلك الوقت بشيء يملكه، ولكن لم يسعفهم الدهر، وخرجت الفقراء وأرباب الأشائر بالطبول والزمر والأعلام والكاسات، وهم يضجون ويصيحون بأذكار مختلفة، وصعد السيد عمر مكرم نقيب الأشراف إلى القلعة فأخرج بيرقًا كبيرًا سمته العامة بيرق النبي ﷺ، فنشره بين يديه من القلعة إلى بولاق وأمامه وحوله ألوف من العامة بالنبابيت والعصي يهللون ويكبرون ويكثرون من الصياح ومعهم الطبول والزمور، وغير ذلك وأما مصر فإنها صارت خالية الطرق لا تجد بها سوى النساء في البيوت، وضعفاء الرجال الذين لا يقدرون على الحركة، وغلا سعر البارود والرصاص جدًا بحيث بيع الرطل البارود بستين نصفًا، والرصاص بتسعين نصفًا، وغلا جنس أنواع السلاح وقل وجوده، وخرج معظم الرعايا بالنبابيت والعصي والمسارق، وجلس مشايخ العلماء بزاوية علي بيك ببولاق يدعون ويبتهلون إلى الله تعالى بالنصر، وأقام غيرهم من الرعايا بالبيوت والزوايا والخيام. ومحصل الأمر أن جميع من بمصر من الرجال تحول إلى بولاق،

1 / 109