Mafarkin Hankali
حلم العقل: تاريخ الفلسفة من عصر اليونان إلى عصر النهضة
Nau'ikan
التلميذ :
ولدينا هنا خريطة للعالم. هذه أثينا.
ستربسيادس :
دعك من هذا، فأنا لا أصدقك. أين هيئة المحلفين؟
لقد أعجب ستربسيادس بهذه المدرسة؛ لأنه أراد لابنه أن يتقن فن الكلام حتى يرد على دائنيه في المحاكم بعد إفلاسه. ولم يهتم المحتالون فحسب بالتمرن على الجدال، فكيف كان لمواطن أن يستغل الفرص التي تقدمها الديمقراطية إن لم يولد خطيبا مفوها؟ ولم يكن نظام التعليم التقليدي وقتها وسيلة لتحقيق ذلك، فكان الفتية في أثينا يتعلمون القراءة والكتابة والموسيقى، ويمارسون الرياضة والتمرينات البدنية، وربما يتعلمون بعض الرياضيات وقدرا كبيرا من الشعر الملحمي. وكانوا يبدءون تعليمهم في سن السابعة وينتهون غالبا في الرابعة عشرة. أما الفتيات فكن يتعلمن بعض الأعمال اليدوية فقط. ولم يكن غريبا أن يطالب بمستوى أعلى من التعليم من يطيقون تحمل نفقاته. وكان السفسطائيون هم الذين قدموا من جميع أنحاء اليونان للوفاء بالحاجة إلى تهذيب النفس فكريا.
وكان من الطبيعي أن ينجذب أي من متحدثي اللغة اليونانية من ذوي العلم والموهبة إلى أثينا. ولو لم يكن هذا الرجل مواطنا من أهل أثينا لما تمكن من المجادلة على الملأ، وما حقق أهدافه بتلك الطريقة، ولكن كان يمكنه أن يكسب قدرا لا بأس به من المال وأن يتمتع بكرم الضيافة من خلال تدريب أهل أثينا على المجادلة وتعليم أولادهم، وتسليتهم وتثقيفهم في ولائمهم والترفيه عنهم في حفلاتهم وإسداء النصح لهم. وكان من أوائل من قدموا إلى أثينا وحصلوا المال بالاشتغال بالتدريس هو بروتاجوراس الذي عاصر أناكساجوراس وإمبيدوكليس وأصبح صديقا لبريكليس، وقد ظهر باسمه أو شخصه في كثير من محاورات أفلاطون. وكان بروتاجوراس قد جاء في الأساس إلى أثينا سفيرا لبلدته أبديرة، كما جاء سفسطائيون مشهورون آخرون سفراء أيضا، ومن ضمنهم جورجياس الليونتيني في صقلية وهيبياس الإيلي.
وقبل ظهور هؤلاء الرجال كانت كلمة سفسطائي تطلق على جميع أنواع الحكماء. ومن الغريب أنه حتى بعد هذا الوقت استمر بعض كتاب القرن الرابع في استخدام الكلمة للإشارة إلى كل الفلاسفة السابقين حتى طاليس، ولكن في زمانهم اقتصرت الكلمة بصورة رئيسة على الذين يعلمون الناس مقابل المال، وخاصة من عرضوا تدريس المهارات البلاغية والسياسية وكيفية التفوق في المجادلات الأخلاقية والقانونية (وهذا ما سنقصده بكلمة «سفسطائي» فيما بعد). وفي إحدى محاورات أفلاطون، يتوجه سقراط - وهو الراوي - بالسؤال إلى بروتاجوراس عما يقترحه بالتحديد لتعليمه لأحد التلاميذ المرتقبين، فيجيب بروتاجوراس:
أعلمه كيفية الاهتمام بكل أموره الشخصية لكي يحسن إدارة بيته، وأعلمه كذلك الاهتمام بأمور الدولة لكي يصبح قوة حقيقية في المدينة كمتكلم ورجل أفعال.
ويرد سقراط: هل أفهم من كلامك أنك تقصد فن السياسة والوعد بتربية مواطنين صالحين؟
فقال: إن هذا تحديدا ما أفعله.
Shafi da ba'a sani ba