فداعيه لأهل الأرض داعي
أراد منافق أن يملق أنوشروان، فدخل عليه يوما وهو فرح باش وقال له: بشراك يا ملك الملوك، فقد مات عدوك، فتقطب جبين كسرى ونظر إلى مبشره شزرا وقال له: ومن ذا الذي أنبأك بأنني لست أتبعه إلى الرمس قبل أن تغيب الشمس؟! اعلم أيها الغر الأحمق، أن لا شماتة في الموت، وأنه كارثة لا يسر لها العدو العاقل، إنما هي آجال بعضها قبل بعض، ولكنها آتية.
محاسن الكلام
احتفل مجلس كسرى بوزرائه يوما، وكان بزرجمهر بينهم جالسا لا يحرك لسانه، فلما سئل في ذلك قال: اعلموا أيها الوزراء، أن حكماء النفوس كأطباء الأبدان لا يصفون الدواء إلا لمن به داء، وحيث إنني أراكم تصيبون الغرض، فلست أرى في نفوسكم من مرض؛ لذا ترونني ساكتا صامتا، وهذه خلة أهل العلم والفضل؛ فإذا رأى أحدهم أن حال الناس مستقيمة بدونه تركها وشأنها، ولا حرج عليه إذا صان نفسه عن الكلام، أما إذا رأى أعمى يريد أن يقع في بئر وسكت؛ فقد عرض نفسه للتأنيب والملام.
الدنيا متاع الجهلاء
الذنب للأيام لا لي
فاعتب على صرف الليالي
بالحمق أدركت المنى
ورفلت في حلل الجمال
حكي أن هارون الرشيد لما بلغه خبر فتح مصر على يديه، وإذعان جبارها الذي تأله فيها قال: لأكلمن في تلك البلاد أحقر خدمي؛ نكاية في ذلك الطاغية - وكان للخليفة خصي اسمه خصيب، نذل من الأنذال، حقير لدى أحقر الرجال - فسلمه زمام مصر، فلما تولى أمرها كان مقدمه على البلاد شؤما ونحسا؛ فشكا أهل مصر إليه أمرهم وقالوا: لقد زرعنا قطنا فأصابه وابل من السماء أتلف الزرع وأهلك الحرث؛ فأصبحنا في حال يرثى لها، وليس أمامنا سواك نقصده لتدبرنا في أمرنا، وتنقذنا مما حل بها.
Shafi da ba'a sani ba