Labaran Gargajiya
الحكايات الشعبية العربية
Nau'ikan
فاستنادا إلى القدرات اللامتناهية التي يمكن للذاكرة الشعبية الجمعية تأديتها في استكشاف وإيضاح ما هو مغلق ومندثر لكلا الوجهين: التاريخي والتراثي لبلداننا العربية، يمكن القول بأن في الإمكان إعادة التعرف واستجلاء ذلك التاريخ الثقافي اليومي لبلداننا، منذ بدء تواجد الإنسان العاقل على الأرض العربية.
فلعلني لا أمل الإلحاح بالقول الدافع إلى الثقة في قدرة الذاكرة الجمعية - التي تجيء من المنطلق القومي لا التجزئي الانعزالي - على إعادة إيصال واستقامة ما انقطع، وما يعتري أحقاب تاريخنا، خاصة الثقافي، من اندثار وغموض.
من ذلك ظاهرة تسمية أكثر من مدينة سورية - خاصة الشمالية بانياس - باسم ذلك الشاعر الأسطوري المتعاصر مع منشد الإلياذة هوميروس، وربما كان أسبق منه القرن السادس ق.م.
فبانياس كان أول من جمع أسطورة الإله الزراعي الممزق أدونيس، الذي هو أحد أوجه أو تنويعات أوزوريس في مصر، وتوفي في وادي الرافدين، وديونسيوس عند الهلينيين، وديونسيوس زاجريوس في كريت، ومسبوتاميا أو آسيا الصغرى بعامة.
فلقد كان الشاعر السوري بانياس هذا أول من جمع أسطورة أدونيس وأعاد نظمها شعرا، الذي قد يصل بنا جمع مأثوراته المحلية اليوم، وأستطيع أن أجزم بأنها ما تزال تعيش على الشفاه في مدينته السورية التي زرتها متسرعا بدعوة رقيقة من صديقي المفكر القصاص أحمد إسكندر - وزير الإعلام السوري - عام 1976، بصحبة زوجتي الباحثة الاجتماعية فريدة إلهامي، بالقرب من اللاذقية ومكتشفاتها الحفرية في رأس الشمرا أو أوغاريت التي ترجع إلى القرن الرابع عشر ق.م، وأدت عشرات الألوف من نصوصها الأسطورية والفولكلورية - المكتشفة عام 1929 - إلى إلقاء ضوء قوي على جذور التراث السامي العربي والعبري ومنابعه المبكرة، خاصة الجانب الأعظم من التراث العبري، وبخاصة أكثر التلمود الأورشليمي الفلسطيني.
وخلاصة القول أن في تركيزنا على تنشيط استكمال جمع الخرافات المحلية لا لأقطارنا العربية فحسب، بل لمدنها ومعالمها البيئية والمحلية.
من ذلك ما تزدحم به الأقاليم والبيئات السودانية والنوبية والمصرية والفلسطينية والليبية واللبنانية، سواء في تراث المدن الفينيقية الدول: صور وصيدا وجبيل وبعلبك، أو بيبلوس الإغريقية وتراثها العريق.
وبالنسبة للعراق فما تزال آثار وتجمعات وموروثات بقايا أهم وأعرق ملاحم العالم القديم: جلجاميش، أو قلقاميش كما يسميها العرب، في مديريته التي ما تزال تحمل اسمه جلجاميش إلى اليوم، وكذا بقايا موروثات الكلدانيين والبابليين والآشوريين والفينيقيين والقرطاجنيين والحورانيين.
فالمفجع والملفت أنه حتى أيامنا هذه ما تزال تعيش بقايا الحضارات والكيانات السامية بروافدها المختلفة، مثل الكلدانيين - الألف الثاني ق.م - المعروفين اليوم بالحرانيين - بحران بالعراق - وقصصهم عن كيف التقى بهم الخليفة العباسي المستنير المأمون، وكان في طريقه إلى الحرب وسألهم: هل أنتم أهل كتاب؟ ثم خيرهم بين الدخول في دين أو قتلهم وسافر ومات.
ومن معتقداتهم أنهم يجلسون في الزيت (يقال: فلان في الزيت)، ويزعمون أن طبيعة الإنسان أليق وأشبه بطبيعة عطارد عن سائر الحيوان،
Shafi da ba'a sani ba