Labaran Andersen Majmu'a Ta Farko
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
Nau'ikan
كان يوجد في الجهة المقابلة للمنزل القديم منازل جديدة أكثر أناقة، لها نفس آراء جيرانها.
كان جالسا لدى نافذة أحدها صبي صغير بوجنتين نضرتين متوردتين، وعينين صافيتين لامعتين، وكان مغرما جدا بالمنزل القديم سواء في أشعة الشمس أو ضوء القمر. كان يجلس ويتطلع إلى الجدار الذي تساقط منه الجص في بعض المواضع، ويتخيل أشكال المشاهد شتى التي جرت في الماضي؛ كيف بدا الشارع حين كانت المنازل مزودة بأسطح جملونية ، وسلالم مكشوفة، ومزاريب منتهية بفوهات على شكل تنانين. حتى إنه كان حتى يستطيع أن يرى الجنود وهم يتجولون بمطاردهم. كان النظر إلى المنزل مسليا للغاية بلا شك.
كان يعيش في المنزل رجل عجوز يرتدي سروالا قصيرا يصل حتى الركبتين، ومعطفا بأزرار نحاسية كبيرة، وشعرا مستعارا يعرف من يراه أنه شعر مستعار. كان الرجل العجوز ذو السروال القصير وحيدا تماما في المنزل إلا من رجل عجوز يأتيه كل صباح لتنظيف المنزل وخدمته. كان أحيانا يذهب إلى إحدى النوافذ ويطل منها؛ فكان الصبي حينئذ يومئ برأسه له، وكان الرجل العجوز يجيبه بأن يومئ برأسه له، حتى تعرف كل منهما على الآخر وصارا صديقين، رغم أنهما لم يتحدثا معا قط؛ لكن لم يكن هذا مهما.
ذات يوم سمع الصبي الصغير والديه يقولان: «هذا الرجل ميسور الحال جدا، لكن لا بد أنه يعاني من وحدة شديدة.» لذا، في صباح الأحد التالي، لف الصبي الصغير شيئا في قطعة من الورق، وأخذه إلى باب المنزل القديم وقال للخادم الذي كان يرعى الرجل العجوز: «هلا أعطيت هذه الهدية مني السيد الذي يعيش هنا رجاء؟ فإنني لدي جنديان من الصفيح، وهذا أحدهما، ويمكنه الاحتفاظ به لأنني أعرف أنه يعاني من وحدة شديدة.»
أومأ الخادم العجوز برأسه وبدا عليه سرور بالغ، ثم دخل المنزل بالجندي الصفيح.
بعد فترة أرسل ليسأل الصبي الصغير ما إذا كان يود أن يزوره بنفسه. سمح له والداه بذلك، وبهذا حصل على الإذن لدخول المنزل القديم.
كانت المقابض النحاسية الخاصة بالسور الحديدي تلمع أكثر من ذي قبل، كما لو كانت قد لمعت من أجل زيارته؛ وكان منحوتا على الأبواب نافخو أبواق واقفون داخل زهور توليب، وبدا كأنهم ينفخون بكل ما لديهم من قوة، إذ كانت وجناتهم منتفخة بشدة كأنهم يقولون: «تانتا را را، الصبي الصغير قادم. تانتا را را، الصبي الصغير قادم.»
ثم فتح الباب ليكشف عن قاعة علق في جميع أنحائها صور قديمة لفرسان في دروع وسيدات في أثواب حريرية، وقد بدا أن الدروع كان لها صليل وأن الأثواب كان لها حفيف. ثم كان هناك سلم قطع شوطا طويلا في صعوده، ليهبط به درجات قليلة مفضيا إلى شرفة كانت في حالة مزرية للغاية؛ إذ كانت بها ثقوب كبيرة وشقوق طويلة نبتت منها الحشائش والأوراق؛ كانت النباتات تنمو بوفرة حقا في الشرفة والفناء وعلى الجدران، حتى إنها بدت مثل الحديقة.
كان يوجد في الشرفة أصص زرع رسم عليها رءوس أشخاص بآذان حمير، لكن كانت الزهور التي بداخلها تنمو كما يحلو لها. فقد ازدهرت زهور القرنفل في أحد الأصص حتى فاضت على جوانبه، أو أوراقها الخضراء على الأقل، فأخرجت جذعها وساقها وهي تقول بوضوح بقدر ما تتيح لها قدرتها على الكلام: «لقد أنعشني الهواء، وقبلتني الشمس، ووعدت بزهرة صغيرة في الأحد القادم؛ الأحد القادم حقا!»
ثم دخلا حجرة كسيت جدرانها بجلد طبع عليه زهور ذهبية. وبدا أن الجدران كانت تقول:
Shafi da ba'a sani ba