Labaran Andersen Majmu'a Ta Farko
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
Nau'ikan
قال البحار العجوز: «والآن صار لدى أبنائهم أطفال. لدينا أبناء أحفاد، أقوياء وفي صحة جيدة أيضا. ألم يكن زواجنا في هذا الوقت تقريبا من العام؟»
قالت شجرة البيلسان الأم وهي تدس رأسها بين العجوزين: «نعم، واليوم هو اليوبيل الذهبي ليوم زفافكما.» لكنهما اعتقدا أنها إحدى الجارات تومئ برأسها لهما. ثم نظر كل منهما إلى الآخر وأمسك بيده. وسرعان ما جاء أبناؤهما وأحفادهما، الذين كانوا يعلمون جيدا أن اليوم كان اليوبيل الذهبي ليوم زفافهما. ورغم أنهم كانوا بالفعل قد أبلغوهم بتمنياتهم لهما بالسعادة في صباح ذلك اليوم، فالعجوزان كانا قد نسيا ذلك، رغم أنهما كانا يتذكران جيدا ما قد وقع منذ سنوات عديدة ماضية. وفاحت من شجرة البيلسان رائحة جميلة، وأضاءت شمس الغروب وجهي العجوزين حتى اكتسبا حمرة شديدة. ورقص أصغر أحفادهما حولهما بمرح، وقال إنهم سيقيمون وليمة في المساء سيكون فيها بطاطا ساخنة. ثم هزت شجرة البيلسان الأم رأسها وهي على الشجرة وصاحت: «مرحى!» مع كل الباقين.»
قال الصبي الصغير الذي كان منصتا: «لكن تلك ليست بقصة.»
رد عليه الرجل العجوز وقال: «إنها كذلك لكن عليك أن تفهمها أولا. لنسأل شجرة البيلسان الأم عنها.»
قالت شجرة البيلسان الأم: «لم تكن قصة بالضبط، لكن القصة ستأتي الآن، وهي قصة حقيقية. إن أروع القصص تنبع من الحقيقة، تماما كما انبثقت شجرتي الجميلة من إبريق الشاي.» ثم أخذت الصبي الصغير من الفراش وضمته إلى صدرها، وتجمعت فروع البيلسان الوارفة حولهما حتى صارا جالسين في تعريشة، وطارت بهما التعريشة في بهجة عارمة.
وفجأة تحولت شجرة البيلسان الأم إلى فتاة يافعة جميلة، لكن ثوبها كان من نفس الخامة الخضراء، المزين بحافة من زهور البيلسان البيضاء، تماما مثل الذي كانت ترتديه البيلسان الأم. وقد علقت في صدرها زهرة بيلسان حقيقية، ووضعت فوق خصلات شعرها الذهبية الملتفة إكليلا من نفس الزهور. كانت عيناها الزرقاوان الكبيرتان جميلتين للغاية. كما كانت من نفس سن الصبي، وقد تبادلا القبلات وشملتهما سعادة بالغة.
ثم تركا التعريشة معا، ويده في يدها، ليجدا نفسيهما في حديقة زهور بديعة في منزلهما. وعلى العشب الأخضر، كانت عصا أبيهما مربوطة، لكن دبت فيها الحياة من أجل الصغيرين؛ إذ بمجرد أن امتطياها تحول المقبض الأبيض إلى رأس حصان جميل ذي شعر أسود مسترسل، ثم انبثقت أربع قوائم طويلة رفيعة. وصار الكائن قويا ونشيطا، وركض بهما في أنحاء الأرض العشبية.
قال الصبي: «مرحى! سنبتعد الآن عدة أميال على الجواد، وسنذهب إلى ضيعة السيد النبيل التي ذهبنا إليها العام الماضي.»
ثم دار بهما الجواد حول تلك الأرض العشبية مرة أخرى، والفتاة الصغيرة التي نعلم أنها كانت شجرة البيلسان الأم، ظلت تهتف: «ها نحن في القرية الآن. هل ترى البيت الريفي ذا فرن الخبز الكبير البارز من الجدار على جانب الطريق مثل بيضة عملاقة؟ توجد شجرة بيلسان مادة فروعها فوقه، ويسير قريبا منه ديك يعبث مع دجاجه. انظر كيف ينتفخ ويتبختر!
نحن الآن على مقربة من الكنيسة؛ ها هي قائمة على التل، تظللها أشجار البلوط الهائلة، لكن واحدة منها نصف ذابلة. انظر! إننا الآن لدى ورشة الحداد. كم تشتعل النار هناك! إن الرجال أنصاف العراة يطرقون الحديد الساخن بمطرقة، بينما تتطاير منه الشرارات. والآن لنرحل إلى ضيعة السيد النبيل الجميلة!» وقد رأى الصبي كل ما تحدثت عنه الفتاة الصغيرة بينما هي جالسة خلفه على العصا، فقد مر أمام عينيه رغم أنهما كانا يركضان حول الأرض العشبية فحسب. ثم لعبا معا في ممر جانبي ومهدا الأرض لزراعة حديقة صغيرة. ثم أخذت الفتاة زهور بيلسان من شعرها وزرعتها، فنمت مثل تلك التي كان قد سمع العجوزين يتحدثان عنها، وقد زرعاها حين كانا صغيرين. هما أيضا تجولا متشابكي الأيدي، تماما كما فعل العجوزان حين كانا طفلين، لكنهما لم يصعدا البرج المستدير ولا ذهبا إلى حديقة فريدريكسبيرج. لكن لفت الفتاة الصغيرة ذراعها حول خصر الصبي، وجابا جميع أنحاء البلد (وتوالى الربيع، بعده الصيف؛ ثم الخريف، يتلوه الشتاء)، فيما مرت آلاف الصور أمام عيني الصبي وقلبه، والفتاة الصغيرة لم تزل تغني له: «يجب ألا تنسى كل هذا أبدا.» وكانت شجرة البيلسان ترسل عطرها الجميل طوال رحلتهما.
Shafi da ba'a sani ba