Labaran Andersen Majmu'a Ta Farko
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
Nau'ikan
قال فرخ البط: «أعتقد أنكم لا تفهمونني.» «لا نفهمك؟ ترى من يستطيع أن يفهمك؟ هل تعتقد أنك أذكى من القط أو السيدة العجوز، ناهيك عني أنا؟ لا تتخيل مثل تلك الترهات أيها الصغير، واشكر حسن حظك على ما لاقيته من حسن استقبال هنا. ألست في مكان دافئ وصحبة يمكنك أن تتعلم منها شيئا؟ إلا أنك ثرثار، وصحبتك ليست بالمقبولة. صدقني؛ فأنا لا أتكلم إلا من أجل مصلحتك. قد يكون فيما أخبرك به حقائق قاسية، لكن ذلك دليل على صداقتي. لذلك أنصحك بأن تبيض وتتعلم أن تخرخر بأسرع ما يمكن .»
قال فرخ البط: «أعتقد أنني لا بد أن أخرج إلى العالم مجددا.»
قالت الدجاجة: «أجل، فلتفعل.» هكذا ترك فرخ البط الكوخ وسرعان ما وجد ماء أمكنه السباحة والغوص فيه، إلا أن كل الحيوانات الأخرى تحاشته بسبب منظره الدميم.
وجاء الخريف، وتلونت أوراق الأشجار في الغابة باللونين البرتقالي والذهبي؛ وحين أقبل الشتاء، التقطتها الرياح حين سقطت ودارت بها في الهواء البارد. وانخفض السحاب في السماء، مثقلا بالبرد وندف الثلج، ووقف الغراب بين عيدان الخيزران، ينعق: «كروك، كروك.» إن النظر إليه كفيل أن يجعل الجسد يرتجف بردا. أصاب كل هذا فرخ البط الصغير المسكين بغم شديد.
ذات مساء، بينما كانت الشمس تغرب بين السحب الوضيئة، خرج سرب كبير من الطيور الجميلة من بين الشجيرات. لم يكن فرخ البط قد رأى مثيلا لها من قبل. كانت بجعات؛ وكانت تلوي أعناقها الجميلة، بينما يلمع ريشها الناعم بلون أبيض مبهر. كانت تردد صيحة فريدة وهي تمد أجنحتها البديعة وتطير بعيدا عن هذه المناطق الباردة إلى بلاد أكثر دفئا وراء البحر. بينما كانت ترتفع أكثر فأكثر في الهواء، اعترى فرخ البط الصغير القبيح شعور غريب إذ يشاهدها. أخذ يدور في الماء مثل العجلة، واشرأب بعنقه تجاهها، وأطلق صيحة غريبة جدا حتى إنها أفزعته هو شخصيا. هل يمكنه أن ينسى أبدا تلك الطيور الجميلة الهانئة؟! وحين غابت أخيرا عن نظره، غاص تحت الماء وخرج مرة أخرى وهو في قمة الإثارة. لم يكن يعرف أسماء هذه الطيور ولا إلى أين طارت، لكنه أحس تجاهها بمشاعر لم يحس بها تجاه أي طيور أخرى في العالم.
إنه لم يشعر بالغيرة من هذه المخلوقات الجميلة؛ فلم يخطر له مطلقا أن يتمنى لو كان جميلا مثلها. لقد كان هذا المخلوق الدميم المسكين سيعيش راضيا حتى مع البط، لو كانوا فقط أحسنوا معاملته وشجعوه.
ازدادت برودة الشتاء أكثر فأكثر؛ وكان يضطر إلى السباحة في الماء ليمنعه من التجمد، لكن في كل ليلة كانت المساحة التي يسبح فيها تضيق أكثر فأكثر. في نهاية المطاف تجمد الماء بشدة حتى إن الجليد كان يطقطق وهو يتحرك في الماء، وكان على فرخ البط أن يجدف بساقيه بقدر ما يستطيع، ليمنع المساحة من التقلص. لكن حل به الإنهاك في النهاية، فرقد بلا حراك عاجزا، وقد تجمد في مكانه في الجليد.
في الصباح الباكر رأى فلاح أثناء عبوره في الجوار ما جرى. فحطم الجليد بحذائه الخشبي وحمل فرخ البط معه إلى المنزل لزوجته. أعاد الدفء الحياة إلى المخلوق الصغير المسكين؛ لكن حين أراد الأطفال اللعب معه، اعتقد فرخ البط أنهم سيمسونه بأذى، لذا هب مفزوعا، وطار مصطدما بوعاء الحليب، فتناثر الحليب في أنحاء الغرفة. صفقت السيدة بكفيها، مما أثار فزعه أكثر؛ فطار أولا إلى برميل الزبد، ثم وعاء الطحين وخرج منه ثانية. يا للحالة التي كان فيها! راحت السيدة تصرخ وتضربه بالمساكة؛ وأخذ الأطفال يضحكون ويصرخون ويتعثرون بعضهم ببعض في محاولاتهم للإمساك به، لكنه هرب لحسن الحظ. فقد كان الباب مفتوحا؛ واستطاع المخلوق المسكين بمشقة التسلل بين الشجيرات والاستلقاء في تعب شديد على الثلج الذي سقط حديثا.
سيكون من المثير لبالغ الحزن أن أسرد كل البؤس وألوان الحرمان التي عاناها فرخ البط الصغير المسكين خلال الشتاء القاسي؛ لكنه حين انتهى وجد نفسه مستلقيا ذات صباح في مستنقع بين نباتات الأسل، حيث شعر بأشعة الشمس الدافئة وسمع شدو القنبرة، ورأى مظاهر الربيع البهي تحيط به من كل ناحية.
حينها، شعر الطائر الصغير أن جناحيه قويان، وهو يرفرف بهما ويرتفع عاليا في الهواء. وظلا يحملانه متقدما حتى وجد نفسه في حديقة كبيرة قبل حتى أن يدرك حقا كيف حدث هذا. كانت أشجار التفاح كاملة النضج، فيما أنزلت أشجار البيلسان العطرة فروعها الخضراء الطويلة إلى الجدول، الذي أحاط بمرج منبسط. بدا كل شيء خلابا في رونق أوائل الربيع. جاءت ثلاث بجعات بيض جميلات من أجمة قريبة، يسمع لريشها حفيف بينما تعوم في خفة في المياه الرائقة. رأى فرخ البط هذه الطيور الجميلة فانتابه حزن غريب أكثر من أي وقت مضى.
Shafi da ba'a sani ba