Labaran Andersen Majmu'a Ta Farko
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
Nau'ikan
أجابت الأم: «هذا مستحيل يا صاحبة السمو. إنه ليس حسن الشكل، لكنه حسن الطباع للغاية ويسبح مثل الآخرين بل أفضل منهم. أعتقد أنه سيصير جميلا حين يكبر، وربما أصغر حجما. لقد مكث طويلا جدا في البيضة؛ ولهذا لم يتكون شكله على النحو الصحيح.» ثم ربتت على رقبته ومسدت ريشه، وهي تقول: «إنه ذكر؛ لذا ليس لشكله أهمية كبيرة. أعتقد أنه سيكون قويا حين يكبر وقادرا على العناية بنفسه.»
قالت البطة العجوز: «البط الصغير الآخر جميل بالقدر الكافي. والآن فلتتصرفوا كأنكم في منزلكم، وإن عثرتم على رأس أنقليس فلتأتوني به.»
وهكذا مضوا مطمئنين؛ لكن فرخ البط المسكين الذي كان آخر من خرج من بيضته بعد الجميع وكان يبدو قبيحا جدا، عضته وزجرته وسخرت منه كل الطيور الداجنة، وليس البط فقط.
قال الجميع: «إنه كبير جدا»؛ أما الديك الرومي، الذي ولد بشويكات في رجليه وكان يتخيل نفسه إمبراطورا بحق، فقد انتفخ مثل سفينة ناشرة كل أشرعتها وهاجم فرخ البط. كان رأسه قد احمر غضبا تماما، حتى إن الصغير المسكين لم يعلم أين يذهب، وكان بائسا جدا؛ لأنه كان قبيحا لدرجة أن كل من في فناء المزرعة سخر منه.
وتوالت الأيام، وساء الحال أكثر فأكثر. كان الجميع ينبذ الفرخ الدميم؛ حتى أشقاؤه وشقيقاته كانوا قاسين معه ويقولون له: «أوه، يا لك من مخلوق دميم، ليت القط يمسك بك!» وحتى أمه سمعت وهي تقول إنها تتمنى لو أنه لم يولد قط. وكان البط ينقره، والدجاج يضربه، والفتاة التي تطعم الطيور الداجنة كانت تدفعه بقدميها. لذلك هرب في النهاية، فأخاف الطيور الصغيرة التي عند سياج الأشجار وهو يطير فوق الأوتاد. وقال: «إنهم خائفون لأنني قبيح جدا.» لذلك ظل يطير مبتعدا، حتى وصل إلى مستنقع كبير يسكنه بط بري. وهناك مكث الليلة بطولها، وهو يشعر بأسى شديد.
في الصباح، حين ارتفع البط البري في السماء، راحوا يحدقون في رفيقهم الجديد. ثم قالوا جميعا، وهم يلتفون حوله: «من أي أنواع البط أنت؟»
فانحنى لهم وكان لطيفا معهم قدر استطاعته، ولكنه لم يجب عن سؤالهم. قال البط البري: «إنك قبيح للغاية، لكن هذا لا يهم ما دمت لن تتزوج واحدة من أسرتنا.»
يا للمسكين! فهو لم يكن يفكر في الزواج؛ إنما كل ما أراده السماح بالجلوس بين نباتات الأسل والشرب من ماء المستنقع. وبعد أن مر عليه يومان في المستنقع، جاء اثنان من الإوز البري، أو بالأحرى أفراخ الإوز، فلم يكونا قد خرجا من البيضة منذ وقت طويل، وهذا مما يفسر وقاحتهما. قال أحدهما لفرخ البط: «اسمع يا صديقي، إنك قبيح جدا حتى إننا أحببناك للغاية. هلا أتيت معنا وصرت من الطيور المهاجرة؟ يوجد مستنقع آخر على مقربة من هنا، يوجد فيه بعض الإوز البري، كلهم غير متزوجين. إنها فرصة لك لتحصل على زوجة. فقد يحالفك الحظ رغم قبحك.»
ثم دوى في الهواء صوت «طاخ، طاخ»، وسقط ذكرا الإوز البري صريعين بين نباتات الأسل، وتلونت المياه بلون الدم. تردد الصوت «طاخ طاخ» في جميع الأرجاء، وقامت أسراب بأسرها من الإوز البري من بين النباتات.
ظل الصوت يأتي من كل اتجاه، فقد أحاط الصيادون بالمستنقع، حتى إن بعضهم جلسوا على فروع الأشجار، المطلة على نباتات الأسل. ارتفع دخان البنادق الأزرق مثل السحب فوق الأشجار الداكنة، وبينما هو يطفو بعيدا فوق المياه، قفز عدد من كلاب الصيد بين النباتات، التي انثنت تحتها أينما ذهبت. كم أرعبت فرخ البط المسكين! فقد أدار رأسه ليخبئه أسفل جناحه، وفي نفس اللحظة مر كلب ضخم مريع قريبا جدا منه. كان فكاه منفرجين، ولسانه متدليا من فمه، وعيناه تلمعان لمعانا مخيفا. وقد دس أنفه مقتربا من فرخ البط، كاشفا عن أسنانه الحادة، ثم دخل في الماء، محدثا رذاذا كبيرا، دون أن يمسه.
Shafi da ba'a sani ba