Labari da Abin da ke Ciki
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
Nau'ikan
subject ، التي تعني «الموضوع» تحديدا. أميل لاستخدام كلمة «الثيمة»؛ لاجتناب هذا اللبس من ناحية، ولأنها صارت معروفة إلى حد ما، ولو في أوساط الكتابة الإبداعية والدرامية، وفوق ذلك كله لضرورة هذا التمييز ما بين الثيمة والموضوع.
لو تكلمنا بالمجاز لقلنا إنه إذا كانت الثيمة محيطا فالموضوع أقرب إلى بحر، أما فكرتك فهي قاربك الصغير! الثيمة مفهوم أكثر عمومية من الموضوع، إنها أقرب إلى إطار عام، مظلة تندرج تحتها مئات الموضوعات؛ وبالتالي ملايين الأفكار المختلفة. وفي هذا ما فيه من تبسيط مخل؛ لذلك علينا أن نتحلى ببعض الحذر والريبة، فكثيرا ما لا تكون الأمور بمثل هذا الحسم والوضوح. من الأفضل لنا أن نركز الآن على مفهوم الثيمة جاهدين؛ لتجاوز مراوغته وغموضه.
رسالة في زجاجة
قد يظن البعض أن الثيمة هي الدرس المستفاد؛ الحكمة الأخلاقية التي يمكننا استنتاجها بعد الاطلاع على العمل الأدبي. ربما يكون هذا صحيحا إذا كان ذلك العمل الأدبي مجرد حكاية خرافية، أو أمثولة بسيطة، لا تتطلب منك جهدا أكثر من استنباط ذلك الدرس منها؛ لكن تبقى الأمور أكثر تعقيدا من هذا في العمل الأدبي بمعناه الحديث، وبأنواعه المتعارف عليها، وإن ظلت مهمة الاستنباط تقع على عاتق القارئ أو المتلقي؛ إذ ليس على مبدع العمل أن ينص صراحة على «ثيمته»، سواء أكان في مقدمة منفصلة أم بداخل النص ذاته. إنها ما يقع بين السطور؛ تلك المادة الشفافة التي على المتلقي أن يستشعر وجودها دون أن يلمسها، وأن يدرك حضورها في كل صفحة تقريبا، تتكشف تدريجيا من خلال الشخصيات والأحداث والحبكة. إنها رسالة في زجاجة بلغة غامضة، كما بدت في فيلم «رسائل البحر» لداود عبد السيد؛ رسالة قد يكون المبدع نفسه أحيانا غير مدرك لها تمام الإدراك، أو واثق منها كل الثقة.
إذا كان لا بد من تعريف
قد تجد الكثير من التعريفات الخاصة بالثيمة في الكتابة السردية؛ منها ما يقتصر على حدود فكرة النص الأدبي، على ما في ذلك من اختزال شديد، ومنها ما يوسع النطاق قليلا، قائلا إنها فكرة، أو مجموعات أفكار مركزية يتكشف عنها السرد. وإذا كان لا بد من تعريف ما لذلك المفهوم المراوغ؛ فهو ذلك الهم العام المهيمن على النص، وليس رسالة مباشرة صريحة يمكن تلخيصها، ولتتذكر أن كلمة «رسالة» لن تجد صدى لدى أي كاتب جيد. إنها تلك الهواجس المتكررة النابضة ما بين سطور عمل ما؛ المعنى الأوسع والأشمل الذي لا يوجد بمعزل عن فعل التأويل ذاته؛ أي لا يمكن الإمساك به إلا في فعل القراءة والتفاعل مع النص.
كأنها دعوة لحفلك
فلنحاول الآن اللجوء قليلا إلى الحس العملي، قبل أن نضيع في متاهات من التعريفات والمصطلحات التي غالبا لا تؤدي ولا تجيب. تخيل أنك تقيم حفلا ما، هذا الحفل له طبيعة خاصة به، قمت أنت بتحديدها مسبقا؛ لذلك لن توجه الدعوة إلا لمن تنطبق عليه شروط خاصة. ما عليك إذن إلا أن تطبع الدعوات وتنتظر الضيوف، تقف على الباب في استقبالهم بنفسك، كل من يمسك بين يديه بالدعوة التي حددتها أنت يمكنه الدخول، ومن لا يملكها غير مسموح له بذلك. هذا الحفل هو نصك الأدبي، والدعوة هي تلك الثيمة العامة التي تتحرك في إطارها، أما ضيوفك فهم جميع العناصر السردية التي تشكل عملك الأدبي من شخصيات ومواقف وأحداث وأفكار ... إلى آخره.
هل من شأن هذا أن يكون قيدا عليك؟ ربما، بدرجة ما، ولكن عليك أن تسأل نفسك الآن: هل أنت مستعد للإبحار بلا بوصلة، من دون أن تعرف الاتجاه الذي تصبو إلى السعي نحوه؟ صحيح أنه يمكنك أحيانا الاستغناء عن تلك البوصلة الخفية، أن تلقي بها في مياه المحيط الشاسع، لكنها - حتى في أشد حالات الكتابة تجريبية وطليعية - ستظهر من جديد بين يديك ، بفعل السحر، بفعل النية الواهية بداخلك؛ ذلك المقصد الذي قد يتشكل تدريجيا مع الإبحار في نصك. تظهر لتقودك - ولو لم تشعر أنت بذلك حتى - نحو مرفأ ما، نحو «معنى» ما، وإن كان ذلك المعنى من المراوغة والغموض بحيث لا يمكن الإمساك به في جملة بسيطة، ولو ظل ذلك المعنى مثل رسالة في زجاجة بلغة غير موجودة بعد على وجه الأرض.
تمرين للتكرار
Shafi da ba'a sani ba