حكم النبي محمد للفيلسوف تولستوي
من كان محمد؟
من مقدمة المؤلف الهندي
الأحاديث النبوية
خطاب الإمام محمد عبده لتولستوي
رثاء أحمد شوقي لتولستوي
رأي تولستوي في الحجاب والزواج وما بينهما
النبي محمد
أقوال الكتاب في الإسلام والمسلمين
حكم النبي محمد للفيلسوف تولستوي
Shafi da ba'a sani ba
من كان محمد؟
من مقدمة المؤلف الهندي
الأحاديث النبوية
خطاب الإمام محمد عبده لتولستوي
رثاء أحمد شوقي لتولستوي
رأي تولستوي في الحجاب والزواج وما بينهما
النبي محمد
أقوال الكتاب في الإسلام والمسلمين
حكم النبي محمد
حكم النبي محمد
Shafi da ba'a sani ba
تأليف
ليو تولستوي
ترجمة
سليم قبعين
كلمة لمعرب الكتاب
بقلم سليم قبعين
الرجل العظيم يحترم الرجل العظيم، والنفوس الفياضة تصبو إلى نظرائها.
عرف قراء اللغة العربية ما اتصف به الفيلسوف الكونت لاون تولستوي من الجرأة ودفاعه عن الحق الصراح دون أن يخشى لومة لائم أو نقمة ناقم، حتى كان يخاطب قيصر روسيا ورجال حكومته مبينا لهم حالة الرعية والبلاد وما تحتاجه من الإصلاحات التي غفلوا عنها، والواقف على نظامات روسيا وأحكامها المطلقة لا يسعه إلا أن يعجب بتلك الشجاعة الأدبية الكامنة في جوانح الفيلسوف وعدم رهبته تلك السلطة المطلقة.
رأى الفيلسوف تحامل جمعيات المبشرين في قازان من أعمال روسيا على الدين الإسلامي، ونسبتها إلى صاحب الشريعة الإسلامية أمورا تنافي الحقيقة تصور للروسيين تلك الديانة وأعمال صاحب تلك الشريعة بصورة غير صورتها الحقيقية؛ فهزته الغيرة على الحق إلى وضع رسالة صغيرة اختار فيها عدة أحاديث من أحاديث النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - ذكرها بعد مقدمة جليلة الشأن واضحة البرهان؛ وقال: هذه تعاليم صاحب الشريعة الإسلامية؛ وهي عبارة عن حكم عالية، ومواعظ سامية؛ تقود الإنسان إلى سواء السبيل، ولا تقل في شيء عن تعاليم الديانة المسيحية، ووعد بأنه سيضع كتابا كبيرا يبحث فيه أبحاثا إضافية بعنوان «محمد».
ولما اطلعت على هذه الرسالة راقني ما جاء فيها من الحقائق الباهرة والمقاصد الشريفة؛ فدفعتني الغيرة على الحق لنقلها إلى اللغة العربية، وقد عانيت المشاق في رد الأحاديث إلى أصولها العربية التي وردت فيها، وإني أرجو أن تصادف خدمتي هذه القبول الحسن عند عامة المسلمين، وهذا ما أتوخاه في هذه الهدية التي أزفها للشرقيين عموما، وذاك حسبي وكفى.
Shafi da ba'a sani ba
حكم النبي محمد للفيلسوف تولستوي
عرب عبد الله السهروردي في الهند كتاب أحاديث النبي محمد واتخذ لكتابه عنوانا الآية القرآنية الآتية:
يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .
والأحاديث المذكورة في هذه الرسالة اختارها من كتاب عبد الله السهروردي الفيلسوف تولستوي، وقال: إنها لا تخالف في شيء تعاليم الديانات الأخرى التي ترشد إلى الحق، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
من كان محمد؟
قال الفيلسوف تولستوي تحت هذا العنوان ما هو بالحرف الواحد:
إن محمدا هو مؤسس ورسول الديانة الإسلامية التي يدين بها في جميع جهات الكرة الأرضية مائتا مليون نفس.
ولد النبي محمد في بلاد العرب سنة 570 بعد ميلاد المسيح من أبوين فقيرين، وكان في حداثته راعيا، ومال منذ صباه إلى الانفراد في البراري والأمكنة الخالية؛ حيث كان يتأمل بالله وخدمته أن العرب المعاصرين له عبدوا أربابا كثيرة، وبالغوا في التقرب إليها واسترضائها، فأقاموا لها أنواع التعبد، وقدموا لها الضحايا المختلفة؛ ومنها الضحايا البشرية، ومع تقدم محمد في السن كان اعتقاده يزداد بفساد تلك الأرباب، وأن ديانة قومه ديانة كاذبة، وأن هناك إلها واحدا حقيقيا لجميع الشعوب.
وقد ازداد هذا الاعتقاد في نفس محمد حتى قام في نفسه أن يدعو أمته ومواطنيه إلى الاعتقاد باعتقاده الراسخ في فؤاده، وقد دفعه عامل داخلي إلى أن الله اصطفاه لإرشاد أمته، وعهد إليه هدم ديانتهم الكاذبة، وإنارة أبصارهم بنور الحق؛ فأخذ من ذلك العهد ينادي باسم الواحد الأحد بحسب ما أوحي إليه ومقتضى اعتقاده الراسخ.
وخلاصة هذه الديانة التي نادى بها محمد هي: أن الله واحد لا إله إلا هو؛ ولذلك لا يجوز عبادة أرباب كثيرة، وأن الله رحيم عادل، وأن مصير الإنسان النهائي متوقف على الإنسان نفسه، فإذا سار حسب شريعة الله، وأتم أوامره، واجتنب نواهيه؛ فإنه في الحياة الأخرى يؤجر أجرا حسنا، وإذا خالف شريعة الله، وسار على هواه؛ فإنه يعاقب في الحياة الأخرى عقابا شديدا، وأن كل شيء في هذه الدنيا فان زائل، ولا يبقى إلا الله ذو الجلال، وأنه بدون الإيمان بالله وإتمام وصاياه لا يمكن أن تكون حياة حقيقية، وأن الله - تعالى - يأمر الناس بمحبته ومحبة بعضهم، ومحبة الله تكون في الصلاة، ومحبة القريب تقوم في مشاركته في السراء والضراء ومساعدته والصفح عن زلاته، وأن الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر يقتضي عليهم أن يبذلوا وسعهم لإبعاد كل ما من شأنه إثارة الشهوات النفسانية، والابتعاد أيضا عن الملذات الأرضية، وأنه يتحتم عليهم أن لا يخدموا الجسد ويعبدوه؛ بل يجب عليهم أن يخدموا الروح، وأن يزهدوا في الطعام والشراب، وأنه محرم عليهم استعمال الأشربة الروحية المهيجة، ومحتم عليهم العمل والجد وما شابه ذلك.
Shafi da ba'a sani ba
ومحمد لم يقل عن نفسه: إنه نبي الله الوحيد، بل اعتقد أيضا بنبوة موسى والمسيح، وقال إن اليهود والنصارى لا يكرهون على ترك دينهم، بل يجب عليهم أن يتمموا وصايا أنبيائهم.
وفي سني دعوة محمد الأولى احتمل كثيرا من اضطهاد أصحاب الديانة القديمة شأن كل نبي قبله نادى أمته إلى الحق، ولكن هذه الاضطهادات لم تثن عزمه بل ثابر على دعوة أمته.
وقد امتاز المؤمنون كثيرا عن العرب بتواضعهم، وزهدهم في الدنيا، وحب العمل، والقناعة، وبذلوا جهدهم لمساعدة إخوانهم في الإيمان لدى حلول المصائب بهم.
ولم يمض على جماعة المؤمنين زمن طويل حتى أصبح الناس المحيطون بهم يحترمونهم احتراما عظيما، ويعظمون قدرهم، وغدا عدد المؤمنين يتزايد يوما فيوما.
غير أن أصحاب الغيرة من أنصار النبي كانوا ينظرون إلى الوثنيين المحيطين بهم وفسادهم بعين الغضب والاستياء؛ فدفعتهم غيرتهم على الحق إلى التشدد في الدعوة إلى دين الإسلام والاعتراف بوحدانية الله، ومع أن هؤلاء الأنصار لم يبيحوا سفك الدماء للحصول على الأموال أو غيرها من متاع الدنيا من جانب؛ فإنهم من الجانب الآخر لم يبيحوا التهاون أو التخاذل أمام أولئك الذين أصروا على البقاء في الضلال.
وإذا كان انتشار الإسلام بصورة كبيرة على يد هؤلاء لم يرق بعضا من البوذيين والمسيحيين فإن ذلك لا ينفي حقيقة أن المسلمين اشتهروا في صدر الإسلام بالزهد في الديانة الباطلة، وطهارة السيرة، والاستقامة، والنزاهة، حتى أدهشوا المحيطين بهم بما هم عليه من كرم الأخلاق، ولين العريكة، والوداعة، ومن فضائل الدين الإسلامي أنه أوصى خيرا بالمسيحيين واليهود؛ لا سيما قسوس الأوليين؛ فقد أمر بحسن معاملتهم ومؤازرتهم حتى أباح هذا الدين لأتباعه التزوج من المسيحيات واليهوديات، مع الترخيص لهم بالبقاء على دينهم، ولا يخفى على أصحاب البصائر النيرة ما في هذا من التساهل العظيم، ومما لا ريب فيه أن النبي محمدا من عظام المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة، ويكفيه فخرا أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح للسكينة والسلام، وتفضل عيشة الزهد، ومنعها عن سفك الدماء، وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية؛ وهو عمل عظيم لا يقوم به إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثل هذا جدير بالاحترام والإكرام.
من مقدمة المؤلف الهندي
بقلم عبد الله السهروردي
إنا لله وإنا إليه راجعون، إننا جميعنا أبناء الله، وحياتنا تنحصر في التقرب إليه تعالى، إن شرارة الإيمان مختفية في قلب كل إنسان.
إن ديننا القويم يقدم رجاء الخلاص لجميع أتباعه والذين يدخلونه، إن النفس التي تكرم القدير العظيم؛ تلك النفس التي تسعى إلى معرفة الحق، وتسير في طريق الصلاح، ستحظى بالحياة الأبدية، والغبطة الدائمة.
Shafi da ba'a sani ba
الأحاديث النبوية
هذه الأحاديث اختارها الفيلسوف تولستوي من كتاب عبد الله السهروردي وعربها من الإنكليزية إلى الروسية كما أشرنا إليها سابقا ودعاها «حكم النبي» وفي الأصل الروسي أحاديث غير هذه لم نقف عليها في كتب الأحاديث، ويظهر أنها من حكم الأولياء أو العرب التي ينسبها الإفرنج في كتبهم إلى النبي. ***
اللهم ارزقني حبك، وحب من ينفعني حبه عندك.
قل الحق وإن كان مرا.
انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره مظلوما؛ فكيف أنصره ظالما؟ فقال: تمنعه من الظلم؛ فذلك نصرك إياه.
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفرة.
اللهم أحيني مسكينا، وتوفني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين.
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
حفت الجنة بالمكاره، والنار بالشهوات.
الحلال بين، والحرام بين.
Shafi da ba'a sani ba
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
سأل رجل النبي
صلى الله عليه وسلم
أي الإسلام خير؟ قال: أن تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف.
لا تميتوا قلوبكم بكثرة الطعام والشراب.
كنت كنزا مخفيا؛ فأردت أن أعرف؛ فخلقت الخلق؛ فعرفوني.
أفضل الصدقة إصلاح ذات البين، وحفظ اللسان.
أيما امرأة استعطرت، ثم خرجت؛ فمرت بقوم ليجدوا ريحها؛ فهي زانية، وكل عين زانية.
الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر.
زنى العين النظر، وزنى النفس المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي.
Shafi da ba'a sani ba
من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا.
القبر أول منزلة من منازل الآخرة.
أفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات الله عز وجل.
إن الرجل إذا دخل في صلاته أقبل الله عليه بوجهه.
إن الله تعالى يحب أن يرى عبده ساعيا في طلب الحلال.
من يصبر على الرزية يعوضه الله.
آفة الدين ثلاثة: فقيه فاجر، وإمام جائر، ومجتهد جاهل.
إنما النساء شقائق الرجال.
آفة العلم النسيان، وإضاعته أن تحدث به غير أهله.
الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.
Shafi da ba'a sani ba
الكذب مجانب للإيمان.
اعقلها وتوكل.
لا عبادة كالتفكر.
حبك للشيء يعمي ويصم.
لا يكمل إيمان المرء حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
أفضل كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل.
ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدق؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين.
إن أول خلق خلقه الله - عز وجل - العقل، فقال له: أقبل؛ فأقبل، ثم قال له: أدبر؛ فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك؛ بك آخذ، وبك أعطي، وبك أثيب، وبك أعاقب.
ليس الشديد بالصرعة؛ إنما الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب.
ارض بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس.
Shafi da ba'a sani ba
إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال فلينظر إلى من هو أسفل منه.
دخل عمر على رسول الله وهو على حصير قد أثر في جنبه؛ فقال: يا نبي الله، لو اتخذت فراشا. فقال: ما لي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من النهار ثم راح وتركها.
خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا: من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، ومن نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله الله عليه.
جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه وسلم
فقال: إني أحبك. قال: انظر ما تقول. فقال: إني والله لأحبك. ثلاث مرات، قال: إن كنت صادقا فاعد محفافا للفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه.
ليردك عن الناس ما تعلم من نفسك.
امش ميلا عد مريضا، وامش ميلين أصلح بين اثنين، وأمط الأذى عن الطريق؛ فإنه لك صدقة.
اتق الله، ولا تحقرن من المعروف شيئا؛ ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وأن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط، إياك وإسبال الإزار؛ فإن إسبال الإزار من المخيلة، ولا يحبها الله، وإن امرؤ شتمك وعيرك بأمر هو فيك فلا تعيره بأمر هو فيه ودعه يكن وباله عليه وأجره لك، ولا تسبن أحدا.
قدم على النبي
Shafi da ba'a sani ba
صلى الله عليه وسلم
بسبي فإذا امرأة من السبي تحلب ثديها تسقي؛ إذ وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي: أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: الله أرحم بعباده من هذه بولدها.
من ظلم أجيرا أجره أحبط الله عمله وحرم عليه ريح الجنة.
دعاء النبي
يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، اغفر لي ذنوبي وأصلح لي شأني وفرج لي همي برحمتك.
اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب العظيمة إلا الرب العظيم، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، وارحمني بقدرتك علي؛ فلا أهلك وأنت رجائي، فكم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا، ويا ذا النعماء التي لا تحصى عددا، نجني مما أنا فيه، وأعني على ما أنا عليه مما قد نزل بي بجاه وجهك الكريم.
قال النبي وحوله جماعة من أتباعه: «تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتون ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله.»
سيأتي زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من الدين إلا رسمه، تنزع الرحمة من قلوبهم، وتقل مكاسب الحلال، ويكثر الحرام.
عفوا تعف نساؤكم.
علم لا ينفع ككنز لا ينفق منه.
Shafi da ba'a sani ba
ليس من أخلاق المؤمن التملق ولا الحسد إلا في طلب العلم.
زين الله السماء بثلاث: الشمس، والقمر، والكواكب، وزين الأرض بثلاث: العلماء، والمطر، وسلطان عادل.
العلم إمام، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء.
العالم إذا خرج من الدنيا كالمصباح يخرج من بيت مظلم.
وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب.
يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما إنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب، كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب، وكيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما علمت لو سقيته لوجدت ذلك عندي.
اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لأخراك كأنك تموت غدا.
من كذب فجر، ومن فجر كفر، ومن كفر دخل النار.
خطاب الإمام محمد عبده لتولستوي
وكتب الإمام المرحوم الأستاذ العلامة الشيخ محمد عبده إلى الفيلسوف تولستوي واضع هذا الكتاب الخطاب الآتي؛ فآثرت إثباته؛ لجزيل فائدته، وهو بالحرف الواحد:
Shafi da ba'a sani ba
أيها الحكيم الجليل موسيو تولستوي:
لم نحظ بمعرفة شخصك، ولكننا لم نحرم التعارف مع روحك، سطع علينا نور من أفكارك، وأشرقت في آفاقنا شموس من آرائك، ألفت بين نفوس العقلاء ونفسك، هداك الله إلى معرفة سر الفطرة التي فطر الناس عليها، ووقفك على الغاية التي هدى البشر إليها، فأدركت أن الإنسان جاء إلى هذا الوجود لينبت بالعلم، ويثمر بالعمل، ولأن تكون ثمرته تعبا ترتاح به نفسك، وسعيا يبقى به ويربي جسمه، وشعرت بالشقاء الذي نزل بالناس لما انحرفوا عن سنة الفطرة، وبما استعملوا قواهم التي لم يمنحوها إلا ليسعدوا بها فيما كدر راحتهم، وزعزع طمأنينتهم.
ونظرت نظرة في الدين مزقت حجب التقاليد، ووصلت بها إلى حقيقة التوحيد، ورفعت صوتك تدعو الناس إلى ما هداك الله إليه، وتقدمت أمامهم بالعمل؛ لتحمل نفوسهم عليه، فكما كنت بقولك هاديا للعقول، كنت بعملك حاثا للعزائم والهمم، وكما كانت آراؤك ضياء يهتدي بها الضالون؛ كان مثالك في العمل إماما يقتدي به المسترشدون، وكما كان وجودك توبيخا من الله للأغنياء، كان مدادا من عنايته للضعفاء الفقراء، وإن أرفع مجد بلغته، وأكبر جزاء نلته على متاعبك في النصح والإرشاد، هو هذا الذي سماه الغافلون بالحرمان والإبعاد، فليس ما حصل لك من رؤساء الدين سوى اعتراف منهم أعلنوه للناس أنك لست من القوم الضالين، فاحمد الله على أن فارقوك في أقوالهم كما كنت فارقتهم في عقائدهم وأعمالهم.
هذا؛ وإن نفوسنا لشيقة إلى ما يتجدد من آثار قلمك فيما تستقبل من أيام عمرك، وإنا نسأل الله أن يمد في حياتك، ويحفظ عليك قواك، ويفتح أبواب القلوب لفهم قولك، ويسوق النفوس إلى التأسي بك في عملك، والسلام.
رثاء أحمد شوقي لتولستوي
ولما انتقل الفيلسوف تولستوي من دار الفناء إلى دار البقاء وقع نبأ وفاته وقعا مؤلما في الغرب والشرق، ورثاه الفلاسفة والشعراء، ومن ذلك ما قاله شاعر وادي النيل صاحب السعادة أحمد بك شوقي حيث قال: (طولستوي) تجري آية العلم دمعها
عليك ويبكي بائس وفقير
وشعب ضعيف الركن زال نصيره
وما كل يوم للضعيف نصير
ويندب فلاحون أنت منارهم
Shafi da ba'a sani ba
وأنت سراج غيبوة منير
يعانون في الأكواخ ظلما وظلمة
ولا يملكون البث وهو يسير
تطوف كعيسى بالحنان وبالرضى
عليهم وتغشى دورهم وتزور
ويأسى عليك الدين إذ لك لبه
وللخادميه الناقمين فشور
أيكفر بالإنجيل من تلك كتبه
أناجيل منها منذر وبشير
ويبكيك ألف فوق (ليلى) ندامة
Shafi da ba'a sani ba
غداة مشى (بالعامري) سرير
تناول ناعيك البلاد كأنه
يراع له في راحتيك سرير
وقيل تولى (الشيخ) في الأرض هائما
وقيل (بدير) الراهبات أسير
وقيل قضى لم يغن عنه طبيبه
وللطب من بطش القضاء عذير
إذا أنت جاورت (المعري) في الثرى
وجاور (رضوى) في التراب (ثبير)
وأقبل جمع الخالدين عليكما
Shafi da ba'a sani ba
وغالى بمقدار النظير نظير
جماجم تحت الأرض عطرها شذى
جناهن مسك فوقها وعبير
بهن يباهي بطن (حواء) واحتوى
عليهن بطن الأرض وهو فخور
فقل يا حكيم الدهر حدث عن البلى
فأنت عليهم بالأمور خبير
أحطت من الموتى قديما وحادثا
بما لم يحصل منكر ونكير
طوانا الذي يطوي السموات في غد
Shafi da ba'a sani ba
وينشر بعد الطي وهو قدير
تقادم عهدانا على الموت واستوى
طويل زمان في البلى وقصير
كأن لم تضق بالأمس عني كنيسة
ولم يؤوني دير هناك طهور
أرى راحة بين الجنادل والحصى
وكل فراش قد أراح وثير
نظرنا بنور الصوت كل حقيقة
وكنا كلانا في الحياة ضرير
إليك اعترافي لا لقس وكاهن
Shafi da ba'a sani ba
ونجواي بعد الله وهو غفور
فزهدك لم ينكره في الأرض عارف
ولا متعال في السماء كبير
بيان يشم الوحي من نفحاته
وعلم كعلم الأنبياء غزير
سلكت سبيل المترفين ولذ لي
بنون ومال والحياة غرور
أداة شتائي الدفء في ظل شاهق
وعدة صيفي جنة وغدير
ومتعت بالدنيا ثمانين حجة
Shafi da ba'a sani ba
ونضر أيامي غنى وحبور
وذكر كضوء الشمس في كل بلدة
ولاحظ مثل الشمس حين تسير
فما راعني إلا عذارى أجرنني
ورب ضعيف تحتمي فيجير
أردت جوار الله والعمر منقض
وجاورته في العمر وهو نضير
صبا ونعيم بين أهل وموطن
ولذات دنيا كل ذاك نذور
بهن وما يدرين ما الذنب خشية
Shafi da ba'a sani ba
ومن عجب تخشى الخطيئة حور
أوأنس في داج من الليل موحش
ولله أنس في القلوب ونور
وأشبه طهر في النساء بمريم
فتاة على نهج المسيح تسير
تسائلني هل غير الناس ما بهم
وهل حدثت غير الأمور أمور
وهل آثر الإحسان والرفق عالم
دواعي الأذى والشر فيه كثير
وهل سلكوا سبل المحبة بينهم
Shafi da ba'a sani ba