[نزول إبراهيم عليه السلام بهاجر وإسماعيل إلى مكة وبناء
الكعبة والحرم ]
ثم إن الله أمر إبراهيم بإخراج هاجر وإسماعيل إلى مكة، ومكة يومئذ بادية، خلاء وواد من أودية تهامة خواء ليس بها دار ولا بناء فأنزل إبراهيم إبنه إسماعيل وهاجر في موضع الكعبة، وكان بمكة قوم من اليمن من جرهم، فأمر إبراهيم ابنه إسماعيل أن يتزوج فيهم، فتزوج منهم امرأة ووهب الله منها ولده، وكثر بمكة ذريته وعدده.
وبنى إبراهيم وإسماعيل صلى الله عليهما وآلهما كما ذكر الله الكعبة، ورفعا منها القواعد من البيت، ودعا إبراهيم وإسماعيل لذريتهما كما ذكر الله من الدعوة، وقال الله مخبرا في كتابه عن دعاء إبراهيم خليله لذرية إسماعيل ابنه: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [البقرة: 227] إلى آخر الآية.
ووضع إبراهيم أعلام الحرم، وشرف الله إسماعيل بمكة حتى انتشر في البلاد خبره، وعظم شرفه وقدره بما أظهر بأبيه وبه بمكة من أعلام النبوة، وما ظهر بهما وعلى أيديهما بالبراهين البينة وبالحج، واستجابة الناس لإبراهيم إذ أذن بالحج إليه، وألبس الله البيت الهيبة والعظمة عند كل من قدم ووفد عليه، وجعل الحرم أمنا لا يخاف أحد فيه، فأمنت الوحوش النافرة حواليه، مع آيات بينات قد ذكرها الله في القرآن، وبينها في تنزيله بأحسن البيان.
Shafi 77