[ذكره عليه السلام صفات أهل المدن والقرى ]
وأهل القرى يابني وسفساف من في المدن من سكانها كلهم تجارهم وصناعهم وغيرهم، وكذلك من اختلط بالأسواق والقرى من العرب وجاورهم، فهؤلاء كلهم ليسوا بذوي حرية ولا ذمام، ولا يتخلقون بخلق من أخلاق الكرام، ولا يوفون بموعد وعدوه، ولا يوجدون حق الجوار لمن جاوره، وإن استعانهم جارهم على نائبة لم يعينوه، وإن وعدوه وعدا أخلفوه، وإن قالوا له قولا لم يصدقوه، وكلما كان عليهم فيه أدنى كلفة وأقلها لم يكتلفوه، وليس للجار عندهم غير الخداع له والمنافقة، فإنهم إذا لقوه تملقوا وإن استرفقهم بسلف أو رفق لم يرفقوه، وكذلك كل من اختلط بالقرى من العرب فهو في اللؤم ودقة النظر وسوء الأدب كأهل القرى والأسواق يتخلقون بأخلاقهم، ويفسدون بفسادهم.
فالبعد يابني عن أهل القرى والمدن لكم ولمن معكم خير من قربهم وأسلم لكم في دينكم وفيما بين ربكم وبينكم، وليست العزلة عن المواضع التي تجمع أخلاط الناس ويحيط بكم ما فيها من شرور الأشرار وما فيهم من الدنس والأنجاس كالبوادي التي تتسع بأهلها وتضم من فيها من سكانها، كما تجمع القرى وتضم وتخلط بين من فيها من رذالة أشرارها وسفلها، لأن كل ساكن في البادية فهو وحده يمكنه أن يكون في عزلة وناحية.
Shafi 63