أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد ) (45) [الحج : 45] ، فذكر سبحانه إهلاكه لكل من كان في القرية من ضعيف أو شديد ، إذ لم يكن في القرية إلا جبار أو جار ، وكل فقد حقت عليه من الله الهلكة والدمار ؛ لأنهم كلهم لله عصاة ، وعن أمره جل ثناؤه عتاة ، جبارها بتجبره واستكباره ، وجارها بمحالته للظالمين وجواره ، فكل أهلكه الله بكسبه ، وأخذه الله بجرمه وذنبه ، كما قال سبحانه : ( فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) (40) [العنكبوت : 40] ، وقال سبحانه : ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (96) أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون (97) أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون (98) أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) (99) [الأعراف : 96 99].
فينبغي لمن كان في قرية من القرى ، غير معمول فيها بما يحب الله ويرضى ، الغالب على أهلها فيها الظلم والعتا ، أن لا يأمن مكر الله وأخذه لأهلها ضحى أو بياتا ، ولا يغفل عما يتوقع من أمر الله فيها ، من حلول نقمه بها وعليها ، وإن أمليت فأطيل لها الإملاء ، فإن بالغفلة يهلك (1) فيها الغفلاء.
وربما أملى الله لقرية (2) فأطال ، وهو يرى فيها الظلم والضلال ، كما قال سبحانه : ( وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ) (48) [الحج : 48]. ففي هذا وأقل منه موعظة لمن يعقل ويبصر ، ( وما يستوي الأعمى والبصير (19) ولا الظلمات ولا النور (20) ولا الظل ولا الحرور ) (21) [فاطر : 19 21] ، كما قال العزيز الغفور ، ولعل من عمي قلبه ، وضل فلم يرشد لبه ، كما قال الله سبحانه : ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور
Shafi 273