بما تطهر به التائبين من الماء ، وكان يحيى صلى الله عليه ، إذا صار إليه ، أحد مطيعا لله ومجيبا ، أو تائبا إلى (1) الله منيبا ، أمره بالاغتسال من نهر الأردن ، وكانت تلك سيرته صلى الله عليه فيمن آمن. فقال للذين أتوه كاذبين ، إذ (2) لم يكونوا بالحقيقة تائبين : يا أولاد الأفاعي ائتوا بثمرة ، تصلح للتوبة والتطهرة ، (3) فطردهم ولم يرهم أهلا للتطهرة ، فهذا أيضا والحمد لله من دلائل الهجرة.
أو ما سمعتم نهي رب العالمين ، عما ذكرنا من جوار الظالمين ، إذ يقول سبحانه لعباده المؤمنين : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ) (118) [آل عمران : 118]. وتأويل ( من دونكم )، هو من غيركم ، يقول سبحانه : ( لا تتخذوا بطانة ) من غير أهل دينكم ، والبطانة في المقارنة (4) هم القرناء ، كما البطانة في المخادنة (5) هم الخدناء ، فمن قارن أحدا في المحل فهو له بالمجاورة بطانة وقرين ، كما أن من خادن أحدا بمحل هو له بالمخادنة بطانة وخدين ، وإنما قيل للبطانة بطانة ؛ لأنها مخاصة (6) ومقارنة ، فنهى الله سبحانه المؤمنين ، أن يتخذوا الظالمين ، أخلاء أو خدناء ، أو جيرة أو قرناء ؛ لأن من لا يدين دينهم لا يألونهم خبالا ، وإن لم يظهروا لهم حربا ولا قتالا (7)؛ لأنهم يرجعون أبدا بهم وفيهم ، عيونا ذاكية (8) لعدو الله عليهم ، يجادلونهم بالباطل
Shafi 262