Hidayat Raghibin
هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين
Nau'ikan
فأخبر بما ذكرنا من اصطفائهم على الخلق، ثم ميزهم فذكر الظالم لنفسه باتباعه هوى قلبه وميله إلى لذته، وذكر المقتصد منهم في علمه المؤدي إلى الله لفرضه، المقيم لشرائع دينه، المتبع لرضى ربه المؤثر لطاعته، ثم ذكر السابق منهم بالخيرات، المقيمين لدعائم البركات، هم الأئمة الطاهرون والمجاهدون السابقون القائمون بحق الله، المنابذون لأعداء الله، المنفذون لأحكام الله، الراضون لرضاه، الساخطون لسخطه، والحجة بينه وبين خلقه، المستأهلون لتأييده، المستوجبون لتوفيقه ، المخصوصون بتسديده في كل حكم به حكموا، أو قياس في شيء من الأحكام به قاسوا، حجة الله الكبرى، ونعمته العظمى، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا(33)} [الأحزاب] ، وفي طاعتهم، وفيما أمر الله به من رد الفتيا بين المفتين وما فيه يتنازع المتنازعون إليهم؛ ما يقول سبحانه: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول..إلى آخر الآية} [النساء:59] ، وما جاء من الله تبارك وتعالى لآل رسوله من الذكر الجميل والحض للعباد على طاعتهم، واقتباس من علمهم ، فكثير غير قليل، يجزي قليله عن كثيره، ويسيره عن جليله، من كان منهم ذا علم واهتداء ، ومعرفة بحكم العلي الأعلى، وكل ذلك أمر من الله سبحانه للأمة برشدها، ودلالة منه على أفضل أبواب نجاتها.
فإن اتبعت أمره رشدت، وإن قبلت دلالته اهتدت، وإن خالفت ذلك غوت، ثم ضلت وأضلت، وهلكت وأهلكت، {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم(42)} [الأنفال] ، وفي أمر الأمة باتباع ذرية المصطفى ما يقول النبي المرتضى: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)) .
ويقول صلى الله عليه وآله وسلم في تفضيلهم، والدلالة على اتباعهم، وما فضلهم الله به على غيرهم: ((النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون، وإذا ذهب أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون)).
وفيما ذكرنا من أمرهم ما يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى)) ، وهذا ومثله فكثير عنه صلى الله عليه وآله وسلم، يفهمه من يروي عنه عليه السلام، ونحن نستغني بقليله عن كثيره.
Shafi 162