[مقدمة المؤلف]
(بسم الله الرحمن الرحيم) ابتدأنا بعون الله وقوته، وبركة أسمائه، وجلاله واسمه وبابه، وأهل مراتب قدسه، وعالم أنسه وملكه، وأن يوصلنا بهم إلى الرضى وبلوغ المنى.
وهو سماعه من الرجال الثقات، الذين لقيهم (رضي الله عنهم أجمعين)، منهم من عاشر الموليين السيدين الإمامين العسكريين (صلوات الله عليهما)، وروى عن ما يشتمل على أسماء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأسماء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في السريانية والعبرانية وجميع اللغات المختلفة، وأسماء فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) وعلى الأئمة الراشدين الحسن والحسين ابني علي، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، ومحمد بن الحسن (الحجة) سمي جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكنيته بجده، ولقبه المهدي والغائب والمنتظر (صلوات الله عليهم أجمعين) وأسمائهم وكناهم- الخاص والعام منهم- وأسماء أمهاتهم، ومواليدهم، وأولادهم، وبراهينهم، ودلائلهم، ووفاة كل منهم، وشاهدهم وأبوابهم، والدلالة من كتاب الله (عز وجل) والأخبار المأثورة المروية بالأسانيد الصحيحة، وفضل شيعتهم، نفعنا الله بهم جميعا إنه على كل شيء قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وهو رب العرش العظيم.
Shafi 27
[خطبة المؤلف]
(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله مبدىء الحمد وباريه، ومقدره وقاضيه، والآمر به وراضيه، جزاء من عباده عن نعمة، والمستوفي لهم جزيل قسمه، والمزحزح عنهم حلول نقمه، الفارض له عليهم، الحاتم فيما انزله اليهم، المستحق على هدايته لهم حمده على نعمه، إذ كان حمدهم له على نعمه نعمة أنعمها منه عليهم، الذي لم تدرج نوره الدياجي، ولم تحط بقدرته الأماكن، ولم تستقل، بذات كبريائه المعادن، ولم تستقر لجلال ملكوته المواطن.
الأول لا أول مكيف، والآخر لا آخر مستحدث، الدائم في أزليته، الباقي في ربوبيته، الشاهد على خليقته، فاطر المخلوقين بحسن تدبير الحكمة، ومكونها أجساما وأشخاصا، وأشباحا وأرواحا، وصورا مختلفة وغير مختلفة، ومتشابهة وغير متشابهة.
الذي لم تكله قدرته فيما خلق الى ظهير، ولم تدعه مبهرات عجائب ما فتق ورتق الى مستعين به في أمره ومشير، المظهر فيما ذرأه وبرأه مما شوهد بعيان، واستدل عليه ببرهان، بدائع تحسر عقول المخلوقين عن بلوغ تحديدها، والمستشهد عند ذوي العلم والعقول، خلق السنتهم وأنفسهم وألوانهم ولم يحيطوا به علما، ولم يبلغوه فهما، اذ لا صانع لهم دونه، ولا مركب لهم في تأليف غيره، ولا متقن في تصنيف، ولا مدبر في تأليف غيره.
Shafi 29
أحسن كل شيء خلقه، الذي لم يعزب عنه علمه في ديجور طبقات السماوات، ولا في دياجي ظلمات الأرضين المدحيات، ولا في قعر البحور الزاخرات، ولا كائن من المخلوقين إلا احاط به قوة وعلما واقتدارا وسلطانا.
الذي لم يفته متعزز بفناء واكثار، ولا ذو بطش جبار، متقلبا في كبريائه، ولا متقلب في ليل ولا في نهار، ولا بغرور، ممتنع ببهاء وأوطار، ولا يحتوي بمدى عمر ذي اقطار فيدركه طلب بمستعان، بل أشفى بطوله بريته، وشمل بحوله خليقته، وسعت كل شيء رحمته، لطفا وامتنانا فهو في ازل قديم أزليته غير مشهود، وفي كمال كليته غير محدود، ولا مدرك بلحاظ عيون الناظرين، ولا بحواس خواطر عقول العارفين موجود، ولا مقر بهم عن بلوغ ذلك منفردا، بل هو في ظواهر حكم صنعته ومراضي قضاء قدرته، ونفوذ سلطان عزه، وتفرده بالصمدية معروف غير مجحود، وهو في حال فقر عباده إليه اعتمام ما خولهم إياه، ولا يتعاظم وان كبر عند المرزوقين، ولا ينقصه عطاؤه اياهم لأنه ليس بمحدود من خزائنه، ولا يغيظه تمرد المتمردين عليه، وان استكبروا عن أداء الشكر له على ذلك في حال طاعتهم ومعصيتهم إياه فهو على كل حال محمود.
وكيف لا يكون ذلك، وزمام كل شيء في قبضته؟ وقضاء قدرته؟
يحكم فيه ولا يحكم عليه، والأشياء خاشعة له، وهو على كل شيء قدير.
وهو الله الذي نشهد ان لا اله الا هو، وحده لا شريك له في ملكه، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
اللهم أنزل زاكيات صلواتك، ومكرمات بركاتك وتحنن رأفتك ، وواسع رحمتك، وطيبات تحياتك وفوز جناتك على محمد عبدك ورسولك
Shafi 30
ونبيك، وصفوتك وخيرتك من خلقك، وعلى علي أخيه امير المؤمنين، ونور العارفين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وأفضل الوصيين، والأئمة الراشدين، وعلى الحسن الزكي في الزاكين، وعلى الحسين الشهيد، الصابر في المحنة طهر الطاهرين، وعلى علي سيد العابدين، وعلى محمد باقر علم الأولين والآخرين، وعلى جعفر الصادق في الناطقين، وعلى موسى نورك الكاظم في الكاظمين، وعلى علي الرضا في المؤمنين، وعلى محمد المختار في صفوتك المختارين، وعلى علي الهادي في الهادين.
وعلى الحسن المنتجب المستودع سرك في المستودعين.
اللهم أصلح باصلاحك الكامل المبلغ ما بلغته المؤمنين من عبادك، عبدك الزكي الذي استخلصته لنفسك، وخليفتك الذي استخلفته في خلقك، وأمينك الذي ائتمنته على مكنون علمك، وحجتك التي اتخذتها على أهل سماواتك وأرضك، وعينك الناظرة التي حرست بها نعمك عند أوليائك، ويدك التي تقبض بها وتبسط أمرك ونهيك، ولسانك الناطق المبين برحمة كنه غيبك ووحيك ووجهك الدال عليك في وحدانيتك، وصراط دينك المستقيم، وسبيل رشادك المفهوم، ومنهج هدايتك المعلوم، الصادق الناطق، الفاتق الراتق، الآمر بطاعتك، الناهي عن معصيتك، المرجي لثوابك، المحذر من عذابك، حجتك وابن حجتك وصفوتك وابن صفوتك، وخيرتك وابن خيرتك، وانيسك من خلقك ووصيك سمي جده رسول الله (صلى الله عليه وآله الطاهرين) الإمام المهدي حجتك يا رب العالمين، الذي خلقته نورا للمؤمنين وقدوة للمقتدين، وملاذا للائذين، وكهفا للاجئين، وأمانا لعبادك المرعوبين، ناصر المضطرين ومدرك وتر المغلوبين، والآخذ بحق المغصوبين، مجلي الروعات، وكاشف الكربات، ومزحزح الضلالات، ومزهق المعطلات، ومشفي الخواطر المضنيات، ومزيل الفكر المخربات، وفاتح القلوب المقفلات، ومبصر العيون المسملات، ومسمع الآذان الصمات، ومحق الكلمات التامات،
Shafi 31
الفتح الاكبر، والنصر الاظفر، والأمل المنتظر، منتهى رغبة الراغبين، وغاية منية الطالبين، وأحمد عواقب الصابرين، وحبيب قلوب المؤمنين، وفرجا لعبادك المختارين، رحمة منك لهم يا رب السماوات والأرضين.
اللهم أنجز له كل وعدك، وحقق فيه موعدك، وأستخلفه في ارضك كما وعدتنا به.
اللهم أورثه مشارق الأرض ومغاربها التي باركت فيها، ومكن له دينك الذي ارتضيته له، وثبت بنيانه، وعظم شأنه، وأوضح برهانه، وعل درجته، وأفلج حجته، وشرف مقامه، وأمض رأيه، واجمع شمله، وانصر جيوشه وسراياه ومرابطيه، وأنصاره وأشياعه، وأتباعه وأعوانه، وحزبه وجنوده وأحباءه وخيرته وأولياءه وأهل طاعته.
اللهم انصرهم نصرا عزيزا، وافتح له فتحا مبينا، واجعل له من لدنك على عدوك وعدوه سلطانا نصيرا. اللهم وأمدده بنصرك بملائكتك وبالمؤمنين، واجعلنا له حواريين، ننصره حتى نعزره ونقره ونؤمن به ونصدقه ونعزه ونعز به.
اللهم فاكشف عنا به العمى، وأذهب به عنا الضر، واهدنا به سبيل الراشدين، وتول نصر دينك على يد وليك، واجعلنا ممن جاهد في سبيلك، وطهر الأرض بإظهاره من القوم الظالمين حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لك يا رب العالمين.
اللهم أظهره، وأعز باظهاره واظهارك له أولياءك وزد في أعمارهم، وأيده وأيد به وأعلنه ولا تخفيه، وامحق قبل اظهارك له اعداءك وأعز أولياءك، وزد في أعمارهم وطول في آجالهم، وتمم أيامنا ولا تقصر مددنا، ولا تمتنا بحسرة من لقاء سيدنا حتى ترينا وجهه، وتشهدنا شخصه، وأسمعنا كلمته، وتنجينا في أيامه، وترزقنا نصرته في أعمالنا ونياتنا وقلوبنا، وشرفنا في دولته الزاكية المباركة الطاهرة المرضية فإنما نحن
Shafi 32
أولياؤك يا رب العالمين.
اللهم وأنزل اللعنة الكافية، المغضبة المردية، المخزية المخسرة المدمرة على أعدائك وأعداء ملائكتك وأنبيائك ورسلك وأصفيائك وأوليائك المخلصين، من الظالمين الأولين والآخرين، وعلى أشياعهم وأتباعهم وأحبائهم وحزبهم وجندهم ورعيتهم، ومن تابعهم بقلبه وعمله، ومن أحمد لهم رأيا وأمرا، ورضي لهم فعلا واستطال لهم رأيا، وقال فيهم خيرا، ودفع عنهم شرا، وزدهم عذابا ضعفا في النار، والعنهم كثيرا، واصلهم سعيرا، ولقهم ثبورا، وتبرهم فيها تتبيرا، ولا تذر منهم كبيرا ولا صغيرا، وأدخلهم في العذاب، ولا تخفف عنهم يوما منه، وخلدهم في الدرك الاسفل من النار، وعذبهم عذابا لا تعذب به احدا من العالمين، وطهر الأرض منهم اجمعين، ومن بدعهم وخلافهم وجحدهم وجورهم وظلمهم وغضبهم وغشهم وآثامهم وأوزارهم ومكرهم وخداعهم وسيئاتهم، واجعل الأرض منهم جميعا قاعا صفصفا، لا نرى فيها عوجا ولا أمتا.
واجعلنا ممن برىء اليك من أعمالهم والتباسهم وجرائرهم، وثبتنا على ما اليه هديتنا من موالاة اوليائك وعداوة اعدائك، واجعلنا من الموفين بعهدك وعقدك وميثاقك الذي الهمتنا لسعادتنا، ولا تضلنا بعد اذ هديتنا، وزدنا بصيرة وايمانا، ويقينا ورضى وتسليما، ولا ترنا حيث نهيتنا ولا تفقدنا من حيث أمرتنا أبدا ما أبقيتنا، بطولك ومنك يا أرحم الراحمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، وهو حسبنا ومرجانا، وعليه توكلنا.
Shafi 33
الباب الأول باب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
Shafi 35
قال السيد أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي (رضي الله عنه): حدثني جعفر بن محمد بن مالك البزاز الفزاري الكوفي، قال:
حدثني عبد الله بن يونس السبيعي، قال: حدثني المفضل بن عمر، عن سيدنا أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام).
قال الحسين بن حمدان: حدثني محمد بن إسماعيل الحسني، عن سيدنا أبي عبد الله الحسن بن علي (عليهما السلام) وهو الحادي عشر من الأئمة (عليهم السلام) ...
قال الحسين بن حمدان: حدثني منصور بن صفر [صقير، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن محمد القرباني المتطبب ببيت المقدس، لعشر خلون من شهر شعبان سنة اثنين وثلاثمائة، قال: حدثني نصر بن علي الجهضمي، قال:
سألت سيدنا أبا الحسن الرضا علي بن موسى بن جعفر (عليهم السلام)، عن أعمار الأئمة من آل رسول الله (عليهم السلام) فقال الرضا (عليه السلام): حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين (عليه السلام):
Shafi 37
ما رواه عن جعفر بن محمد بن مالك، عن عبد الله السبيعي، عن المفضل بن عمر عن مولانا الصادق (عليه السلام) ...
ما رواه عن محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد الحسن، الحادي عشر من الأئمة (عليهم السلام)، فقالوا جميعا:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مضى، وله ثلاث وستون سنة منها أربعون سنة قبل أن ينبأ ثم نزل عليه الوحي ثلاثا وعشرين سنة، بمكة وهاجر إلى المدينة هاربا من مشركي قريش وله ثلاث وخمسون سنة، وأقام بالمدينة عشر سنين، وقبض يوم الإثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول من إحدى عشرة سنة من سني الهجرة.
أسماؤه:
وكان اسمه في القرآن محمد* ، و أحمد ، و يس ، و طه ، و ن ، و حم عسق ، والحواميم السبعة، والنبي، والرسول، و المزمل ، و المدثر ، والطواسين الثلاثة، وكل ألف ولام وميم وراء وصاد في أول السور فهو من أسمائه، و كهيعص .
وفي صحف إبراهيم إلى آدم (صلى الله عليهما) بالسريانية- مفسرا بالعربية- النبي والمحمود، والعاقب، والناجي، والحاشر، والباعث، والأمين.
وكان اسمه في التوراة الوفي، ومادالماد.
وفي الإنجيل: الفارقليط.
وفي الزبور: مهيمنا، وطابطاب.
كنيته وألقابه:
أبو القاسم: وأمه آمنة ابنة وهب بن عبد مناف بن قصي بن
Shafi 38
كلاب، بن مرة.
وألقابه (صلى الله عليه وآله): صفي الله، وحبيب الله، وخاتم النبيين، وسيد المرسلين، والأمي والمنتجب، والمختار، والمجتبى، والشاهد، والنذير، والداعي إلى الله، والسراج المنير، والرحمة، والمبلغ والمصطفى.
ومشهده بالمدينة، واسمها يثرب وطيبة.
أولاده:
قال الحسين بن حمدان الخصيبي: حدثني أبو بكر بن أحمد بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن محمد الأهوازي- وكان عالما بأخبار أهل البيت (عليهم السلام)- قال: حدثني محمد بن سنان الزاهري عن أبي بصير، وهو القاسم الأسدي- لا الثقفي- عن أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) قال: قال ولد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من خديجة ابنة خويلد (عليها السلام) القاسم، وبه يكنى، وعبد الله، والطاهر، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وكان اسمها آمنة، وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وإبراهيم من مارية القبطية، وكانت أمة أهداها المقوقس ملك الإسكندرية.
فأما رقية: فزوجت من عتبة بن أبي لهب، فمات عنها، فزوجت لعثمان بن عفان. وكان السبب في ذلك
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نادى في أصحابه بالمدينة: من جهز جيش العسرة، وحفر بئر رومة، وأنفق عليها من ماله ضمنت له بيتا في الجنة عند الله، فقال عثمان بن عفان: أنا أنفق عليها يا رسول الله من مالي، فتضمن لي البيت في الجنة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنفق عليها يا عثمان، وأنا الضامن لك على الله بيتا في الجنة.
فأنفق عثمان على الجيش والبئر من ماله طمعا في ضمان رسول الله
Shafi 39
(صلى الله عليه وآله) وألقي في قلب عثمان أن يخطب رقية من رسول الله فعرض ذلك على رسول الله، فقال رسول الله: إن رقية تقول لك لا تزوجك نفسها إلا بتسليم البيت الذي ضمنته لك عند الله عز وجل في الجنة تدفعه إليها بصداقها، فإني أبرأ من ضماني لك البيت بتسليمه إليها إن ماتت رقية أو عاشت، فقال عثمان: أفعل يا رسول الله، فزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأشهد على عثمان في الوقت أنه قد برئ من ضمانه البيت له، وأن البيت لرقية دونه، لا رجعة لعثمان على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه، إن عاشت رقية أو ماتت. ثم إن رقية توفيت قبل أن تجتمع بعثمان، ولهذا السبب زوجت رقية نفسها.
وأما زينب: فزوجت من أبي العاص بن الربيع، فولدت منه بنتا سماها أمامة، فتزوج بها أمير المؤمنين بعد وفاة فاطمة (عليها السلام).
وأما أم كلثوم: فإنها لم تتزوج بزوج، وماتت قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وروي أن زينب كانت ربيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جحش بعد خديجة قبل النبي (صلى الله عليه وآله)
ولم يصح هذا الخبر، ولا ملك خديجة أحد غير رسول الله ولا ملك زوجة غيرها حتى توفيت.
أزواجه:
وكانت من أزواجه بعدها أم أيمن، وأم سلمة، وميمونة بنت الحارث الهلالية، ومارية القبطية- وكانت أمة- أفضل أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبعدهن صفية، وزينب زوجة زيد بن حارثة.
والمذمومات عائشة وحفصة، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وهن ممن قال الله فيهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا ، وهذا أوضح دليل أنه لم يكن فيهن من هذا الوصف شيء.
Shafi 40
وقال الله تعالى: يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وقوله: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وقد عرف من خرج وتبرج وشهد على أولاد الأنبياء (عليهم السلام) أنهن إذا عصين عذبن بالنار.
وقال الله سبحانه وتعالى: ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين .
وجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين ثلاث عشر [عشرة امرأة وتوفي عن تسع أزواج
. دلائله وبراهينه:
ومن دلائله وبراهينه (عليه السلام).
1- ما رواه السيد الحسين بن حمدان الخصيبي، عن ابن علي البلخي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله جعفر الصادق (صلوات الله عليه) عن آبائه (عليهم السلام) قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أصابه جوع شديد، فمر بأمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا علي هل عندك طعام نطعمه؟ فقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا واصطفاك على البشر ما طعمت طعاما منذ ثلاثة أيام، فأخذ (عليه السلام) بيده وانطلقا فإذا هما بالمقداد بن الأسود الكندي، وأبي ذر، وعمار بن ياسر، فقال لهم رسول الله: إلى أين؟ فقالوا: إليك يا رسول الله، فقال: هل عند أحدكم طعام؟ فقال القوم جميعا ما أخرجنا إلا الجهد يا رسول الله، فقال: أبشروا فإن الله عز وجل أمر الجنة أن تتهيأ بأحسن هيئتها فتهيأت، وقال لها: يا جنتي لمن تحبين أن يسكنك؟ فقالت: أحب خلقك عليك، فقال لها: إني جعلت سكانك محمدا رسولي وأهل بيته (صلوات الله عليهم وأصحابه وشيعته)
Shafi 41
وأنتم والله أصحابي وشيعتي وشيعة أهل بيتي وعترتي، ثم أخذوا في طريقهم فمروا بمنزل سعد بن مالك الأنصاري، فلم يلقوه، فقالت زوجته: يا رسول الله فداك أبي وأمي ادخل أنت وأصحابك، فإن سعدا يأتيك الساعة، فدخل هو وأصحابه جميعا فأرادت أن تذبح عنزا لهم فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما ذا تريدين؟ قالت: أذبح هذه العنزة لك ولأصحابك، فقال لها: لا تذبحيها فإنها عنزة مباركة ولكن قربيها مني، فقالت: يا رسول الله إنها ليس لها لبن، وهي سمينة، وقد عقرها الشحم، فلم تحمل. قال قربيها إلي فأدنتها منه فمسح يده المباركة على ظهرها فأنزلت لبنا فاحتلبها، ونزع الإناء فشرب وأسقى أصحابه حتى رووا من ذلك اللبن.
ثم قال لها: يا أم مالك إذا أتاك سعد فقولي له: يقول لك رسول الله: إياك أن تخرج هذه العنز من دارك، فإنها من قابل تحمل وتضع ثلاث سخلات في بطن، ويحملن جميعهن من قابل وتضع كل واحدة منهن أربع سخلات في بطن.
ثم نظر في داره وإذا هو ببقرة حمراء فقال لامرأة سعد: قولي لسعد:
يستبدل بهذه البقرة بقرة سوداء، فإنها تضع عجلتين ببطن واحد ثم تحملان عن قليل مع أمهما فيضعن جميعا اثنين اثنين، ورأى في جانب داره نخلة أشر ما يكون من النخل فصعد إليها وتكلم بكلام خفي، فأنزل الله فيها بركته، فحملت حملا حسنا وأرطبت رطبا حسنا لم يكن في المدينة رطب مشبهه ولا رؤي مثله، ودعا لسعد وأهله بالبركة.
وبشرها بغلام وذلك أنها قالت: يا رسول الله فديتك بأبي وأمي أنا حامل، فادع لي، فدعا لها أن يهب الله لها غلاما ذكرا سويا. وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن معه وأقبل سعد إلى أهله فأخبرته بدخول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه
Shafi 42
السلام) والمقداد وأبي ذر وما قاله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لها وما فعل بالعنز والبقرة والنخلة، وما بشرها به ودعاءه لها ففرح سعد بذلك وأقبل إلى النبي، فقال له: يا سعد أخبرتك أم مالك بما قالت وقلت لها قال: نعم. قال استبدل ببقرتك بقرة سوداء فإن الله تبارك وتعالى يهب لك منها عجلتين، ويولد لك غلام.
قال أبو عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام): ما خرجت تلك السنة حتى وهب الله له منها غلاما، ورزق جميع ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما مضى له أربع سنين حتى كان أكثر أهل المدينة مالا وأخصهم بها رجلا وكان النبي (صلى الله عليه وآله) أكثر ما يأتي هو وأصحابه إلى منزل سعد.
2- وعنه، قال حدثني عبد الله بن جرير النخعي، عن أبي مسعود المدائني، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) قال أقبل أعرابي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مع أصحابه جالس، فقال: يا رسول الله كنت رجلا مليا كثير المال، وكنت أقري الضيف، وأجل وأجبر، وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وكان لله علي نعمة، فذهب جميع ما كنت أملك من قليل وكثير، فشمت بي أقاربي وأهل بيتي فكانت الشماتة علي أعظم من زوال النعمة وما ابتليت به قال: صدقت في جميع ما ذكرت، ثم التفت إلى جميع أصحابه، فقال:
من معه شيء يدفع إلى هذا الرجل؟ فقالوا: يا رسول الله ما يحضرنا شيء، فقال: سبحان الله ما أعجب هذا: ثم حول وجهه ضاحكا مستبشرا، ورفع مصلى كان تحته وإذا بسبيكة ذهب فدفعها إليه وقال له:
خذها واشتر بها غنما ضأنا، فإنها تبقى عليك إلى أن تموت. فقال الأعرابي: ادع لي يا رسول الله أن يكثر الله مالي وولدي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم أكثر ماله وولده.
Shafi 43
قال أبو جعفر (عليه السلام): فما مات الأعرابي حتى ولد له اثنا عشر ولدا ذكورا، وعشر بنات، وكان أكثر العرب مالا ويقال: إن الأعرابي علقمة بن علاقة العامري.
3 وعنه، قال: حدثني جعفر بن أحمد القصير، عن أحمد بن جبلة، عن زيد بن خالد الواقفي، عن عبد الله بن جرير، عن يحيى بن نعيم، عن أبي حمزة الثمالي، عن جابر بن عبد الله بن عمر بن حزام الأنصاري، قال: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بني قريظة، وأقمنا إلى أن فتح الله على رسول الله وعلينا، فانطلقنا راجعين وكان في طريقنا رجل من اليهود، فلما قربنا من كنيسته تلقانا والتوراة على صدره منشورة مزينة، فلقي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرحب به وقربه، وقال له: يا أخا اليهود، ما لك قد سعيت إلينا بالتوراة العظيمة القدر في كتب الله المنزلة؟ فقال له اليهودي: جعلتها وسيلتي إليك يا رسول الله لتنزل وتأكل من طعامي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لقد توسلت بعظيم، وأنا مجيبك يا أخا اليهود.
ثم نزل ونزلنا، فإذا بطعام اليهودي قد حضر وحضر معه من تولى إصلاحه من المسلمين، وقال اليهودي: يا أيها النبي أنا ما صنعت طعامك بيدي، بل قوم من أهل دينك لأنا عرفنا أنك تكره طعامنا أهل الملل قبلك، فجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان على الطعام خروف مشوي، فغسل النبي يديه وغسلنا أيدينا، ومددنا إلى الطعام، ودعا بالبركة، وضرب بيده إلى الخروف، فثغا الخروف واضطرب، فرفع رسول الله يده عنه ورفعنا أيدينا عنه، فقال رسول الله: يا أخا اليهود عرفنا توسلك وعرفنا التوراة حقا، وضيعت ما حفظناه فيك أغواك الشيطان حتى رأيت هذا الخروف وسمعت منك ما قد عرفته من نفسي.
قال اليهودي: فإن كنت رسول الله حقا فاسأل الله أن ينطق هذا
Shafi 44
الخروف كما أحياه لك فيخبرك بقصتنا.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اللهم إني أسألك بقدرتك التي ذل لها ملكك إلا ما أنطقت هذا الخروف بهذه القصعة، فقال الخروف في وسط القصعة أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، وأن الذي كان سمني لك عدوك عتيق وزفر صارا إلى هذا اليهودي فدفعا إليه عشرين دينارا وعهدوا له ولقومه من اليهود أن لا يؤذوا، وأن لا يسخروا ولا يعشروا، ولا يكرهوا على شيء يريدونه، وأنه دس السم في الطعام وتلقاك به، وقالا له: القه في التوراة فإنه يعظمها، واسأله أن ينزل بك، وهاك هذا الخروف وهذه العشرين دينارا، فاتخذ بها خبز البر وفاخر أطعمة الأعاجم طبيخا ومشويا، ودس هذا السم بهذا الخروف ففعل ذلك.
قال جابر بن عبد الله: والله لقد ظننا أن شنبويه وحبتر- لعنهما الله قد ماتا، لأنهما طأطئا وجوههما.
قال النبي (صلى الله عليه وآله): ارفعا رؤوسكما، لا رفع الله لكما صرعة، ولا أقالكما عثرة، ولا غفر لكما ذنبا ولا جريرة، وأخذ بحقي منكما، إلى كم هذه الجرأة على الله ورسوله؟ فأظهرا اختلاط عقل ودهشة حتى حملا رحليهما.
وضرب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده إلى الخروف وقال له:
ارجع بإذن الله مشويا كما كنت، فرجع الخروف كما كان. فقال النبي (صلى الله عليه وآله)- وقد ضرب بيده إلى لحمه- بسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء ولا غائلة، وأكل، ثم قال كلوا يرحمكم الله، فقال اليهودي: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك محمد عبده ورسوله حقا حقا، وإله موسى وهارون وما أنزل في التوراة لقد قص عليك الخروف القصة، ما نقص حرفا ولا زاد حرفا.
وأسلم اليهودي وغزا ست غزوات واستشهد في ذات السلاسل، رحمه
Shafi 45
الله.
4- وعنه عن أحمد بن محمد الحجال، عن جعفر بن محمد الكروزوني، عن الحسن بن مسكان، عن صفوان الجمال، قال: قال جعفر بن محمد الصادق (صلوات الله عليه) لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين @HAD@ دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فقال: يا علي اصنع لنا طعاما فخذ شاة وصاعا من بر، وادع عشرة من بني هاشم وبني عبد المطلب، فصنع علي ما أمره رسول الله، وأدخلهم عليه، وكان الرجل منهم يأكل الجذعة وحده، فقرب علي منهم المائدة وقدم القصعة ووضع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يده على دورة القصعة، وقال: هلموا وكلوا على اسم الله فأكلوا حتى صدروا، وفضل كثير، فبادرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالكلام، وقال: أيكم- يا بني عبد المطلب- يقضي ديني، وينجز وعدي، ويقوم مقامي، ويكون خليفتي في أهلي ومالي، وأكون أخاه ويكون أخي في الدنيا والآخرة، ويكون وزيري وخليلي وصفيي وموضع سري، ويكون معي في درجتي ؟
فسكت القوم كلهم، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله أنا أقضي دينك وأنجز وعدك، وأكون خليفتك في أمتك وأهلك، وأكون أخاك وتكون أخي وأكون معك وعلى درجتك في الدنيا والآخرة.
وكان علي (عليه السلام) أصغرهم سنا، وأعظمهم بطشا، وأحمشهم ساقا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد فعلت يا علي فوجبت يومئذ المؤاخاة والموازرة له (عليه السلام).
5 وعنه عن محمد بن إسحاق، عن عتبة بن مسلم- مولى بني تميم- وعبد الله بن الحارث، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد الله بن العباس، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: لما
Shafi 46
نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين @HAD@ فضقت ذرعا، وعرفت أنني متى أبديت لهم ذلك أرى منهم ما أكره فصمت حتى جاءني جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك فاصنع لي يا علي صاعا واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن واجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا لا يزيدون رجلا ولا ينقصون رجلا، وجئت بالطعام فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) جذوة من اللحم فشقها في نواجذه ثم ألقاها في نواحي الطعام في القصعة، ثم قال:
خذوا بسم الله، فأكل القوم حتى ما بهم من حاجة وما أرى إلا مواضع أيديهم، وايم الله الذي نفس علي بيده، لقد كان الرجل منهم يأكل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال: اسق القوم، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا وايم الله لقد كان الرجل منهم يشرب مثله.
فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب، فقال: لقد سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال من الغد إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم ولم أكلمهم، فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثم اجمعهم إلي، قال ففعلت ثم جمعت، ودعا بالطعام فقربته إليهم ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما بهم من حاجة ثم قال:
اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا، ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم أن إنسانا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، وإني جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على أمري هذا كله، على أن يكون أخي ووصيي ووليي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم
Shafi 47
عنها جميعا فقلت:- والله إني أحدثهم سنا، وأطولهم باعا، وأعظمهم بطشا وأحمشهم ساقا- أنا يا رسول الله موازرك، فأخذ رقبتي بيده، وقال: هذا أخي ووصيي وخليفتي، فاسمعوا له وأطيعوا.
قال فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيعه طاعة لا بطانة بها.
6- وعنه عن علي بن الحسين المقري، عن يحيى بن عمار، عن جعفر بن سنان الزيات، عن الحسين بن معمر، عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: سار أبو طالب إلى الشام في بعض ما كان يخلف النبي (صلوات الله عليه) بمكة، فكان يومئذ صغيرا، فلما صار معه إلى الشام خلفه أبو طالب في رحله، ودخل يمتار حوائجه، والنبي (صلى الله عليه وآله) عند شجرة عند دير النصارى فأوى إلى تلك الشجرة، فنام فلم يزل نائما، وكان لا يقدر أحد من الناس أن يدنو إلى تلك الشجرة ولا يقربها، مما كان عندها من الهوام والحيات والعقارب، وبحيرا الراهب ينظر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وإلى القوم، فأقبل يتعجب من ذلك، وقال: هذا غلام غريب نائم هاهنا، وأخاف عليه من الهوام فأقبل إليه فانتبه من نومه ودعاه إليه، فأقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإذا هو معافى لم يمسه سوء مما خاف عليه بحيرا الراهب.
فقال: يا غلام، من أنت ؟ وكيف صرت إلى تحت هذه الشجرة؟
فقال: خلفني هاهنا عمي ومضى يقضي حوائجه من الشام، وإن لي حافظا من الله.
فقال له بحيرا: من أنت؟ وما اسمك؟
Shafi 48
فقال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
قال: هل لك اسم غير هذا؟
قال: نعم أحمد.
قال: هل لك اسم غير هذا؟
قال: الأمين.
قال بحيرا: اكشف لي عن كتفك، فكشف له فنظر بحيرا إلى خاتم النبوة بين كتفيه، فلما رآه قبل فوق الخاتم، وأقبل أبو طالب وقد باع حوائجه، فقال بحيرا: ما هذا منك ولا أنت منه، فقد رأيت من هذا الغلام عجبا، ما نام تحت هذه الشجرة بشر وسلم من الهلاك، ولم يزل هذا الغلام نائما تحتها وجميع ما تحتها من الحيات والعقارب حوله تحرسه في نومه.
فقال أبو طالب: هذا ابن أخي. قال له: ما فعل أبوه؟ قال: مات قال: ما فعلت أمه؟ قال: ماتت. قال: ما اسمه؟ قال: محمد.
قال: هل له اسم غير هذا؟ قال: نعم، أحمد. قال: هل له اسم غير هذا؟ قال: الأمين. قال: إن ابن أخيك هذا نبي ورسول، ولا تذهب الأيام والليالي حتى يوحي إليه الله، ويسوق العرب بعصاه ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، فاتق عليه خاصة من قريش واليهود فإنهم أعداء له من بين الناس.
قال له أبو طالب: يا هذا رميت ابني بأمر عظيم، أتزعم أنه نبي ولا تذهب الأيام والليالي حتى يملأ الأرض عدلا، وقسطا كما ملئت جورا وظلما، شرقا وغربا، ويسوق العرب بعصاه؟ قال بحيرا: لقد والله أخبرتك عن أمره، وهذا الذي نجده عندنا مكتوبا في سفر كذا وكذا من الإنجيل، وهو الذي بشرنا به السيد عيسى بن مريم (عليه السلام)، ولم أقل فيه إلا
Shafi 49