ذكر أولًا أنه بمثابة العضو في الوضوء، وإذا كان كذلك كان الانفصال الخارق للهواء مضرًا كما في عضو المتوضيء، فتفريع عدم الضرر من كونه كالعضو تفريع معكوس، لا جرم أن النووي في «التحقيق» لما صدر بالقاعدة التي ذكرها المصنف صحح أن الانفصال يضر، فقال: وبدن جنبٍ كعضو محدثٍ.
وقيل: لا يضر انفصاله إلى باقي بدنه، وقيل: إن نقله ضر.
هذا لفظه، فينبغي حمل الانفصال المذكور في المحدث على ما إذا جرح ولم يعد، لا على انفصاله من كفه- مثلًا- ووقوعه على ساعده، أو من عضو إلى عضو: كانتقاله من الوجه إلى اليد، أو من إحدى اليدين إلى الأخرى، ولكن على هذا التقدير لقائل أن يقول: لم كان انتقاله من عضو المحدث إلى بقية ذلك العضو قطعًا، وفي الجنب على وجهين، مع أن بدن الجنب أكثر تفاوتًا من عضو واحد من أعضاء المحدث؟
الأمر الثاني: أن المصنف لم ينقل احتمال الإمام على وجهه، فإن الإمام بعد حكاية القول بأنه يصير مستعملًا قال ما نصه: وفيه نظر، لأن الماء إذا كان يتردد على البدن، ففي الأعضاء تفاوت في الخلقة، وليس سطحًا بسيطًا، وإذا كان كذلك فيقع في جريان الماء بعض التقاذف لا محالة، فما كان من هذا الجنس فهو محطوط لا اعتبار به قطعًا، فأما التقاذف الذي لا يقع إلا على ندور: فإن كان عن قصد فمستعمل، وإلا فلا يبعد أن يعذر صاحب الواقعة، فإن الغالب وقوع ذلك في الزمن الماضي، ولم يقع عنه بحث من سائل. هذا كلامه، فانظر ما بينهما من التباين!
قوله: نعم، قال الخضري: إذا انغمس الجنب في ماء قليل ناويًا ارتفعت جنابته عن أول جزء لاقى الماء، وصار الماء مستعملًا، قال: ويخالف ما لو صب الماء عليه، حيث لا نحكم بالاستعمال لمجرد الملاقاة، لقوة الورود، وعلى هذا فقد يقال: إنه يصير مستعملًا بانتقاله من عضو إلى عضو على الاتصال المحسوس في الجنابة من محل إلى محل في العضو الواحد في الوضوء. انتهى كلامه.
وهذا النزاع الذي ذكره باطل لا يمكن القول به، وهل يمكن أحدًا أن يقول بوجوب ماء جديد لكل جزء من أجزاء الوجه، وكيف نقول في غسل النبي ﷺ وجهه بغرفةٍ؟!
قوله: و[على الأول] لو انغمسا معًا، ونويا تحت الماء- جازت طهارتهما، ولو نويا عند إدخال أرجلهما فيه رفع الجنابة ارتفعت عن الجزء الذي اقترنت به النية فقط
20 / 18