68

بالمعاني المستعمل فيها إرادة جدية من المستعمل ، وإنما المتعلق للإرادة الجدية لازم المعنى ، مثلا في مثل : «زيد كثير الرماد» المراد الجدي أن زيدا جواد لا أنه عنده مقدار كثير من الرماد.

وبالجملة لا ريب في استفادة هذه الأمور الثلاث من اللفظ من أي لافظ صدر إذا كان ذا شعور وإدراك.

والقوم ذكروا أن الدلالة الوضعية هي الأولى منها ، والأخريين منها ناشئتان من بناء العقلاء.

وما أفادوه من أن الثالثة ناشئة من بناء العقلاء تام لا غبار عليه ، وأما كون الأولى وضعية والثانية أيضا كالثالثة من بناء العقلاء فغير تام لوجهين :

الأول : ما ذكرنا من أن الوضع حقيقته التعهد والالتزام ، ومن المعلوم أن ما يلتزم ويتعهد به العاقل لا بد وأن يكون أمرا اختياريا له ، وواضح أن حصول الانتقال من سماع اللفظ ولو من اصطكاك حجر بحجر ، خارج عن تحت اختيار الواضع ، وليس مسببا عن الوضع ، بل إنما هو مسبب عن الأنس الحاصل من كثرة استعمال اللفظ (1) في المعنى ، وهذا الانتقال يحصل حتى إذا صرح الواضع بأن الموضوع له هي الحصة المتعلقة للإرادة ، فإذا كان خارجا عن تحت الاختيار ، فلا يمكن أن يكون طرفا للالتزام والتعهد.

Shafi 70