ثم أجاب عنه بأن الاكتفاء بقصد الأمر الغيري من جهة أنه يدعو إلى ما يتعلق به ، وهو عبادة ، فقصد الأمر الغيري طريق إلى قصد الأمر النفسي ، فيقصد تبعا وضمنا.
أقول : هذا الجواب لا يفيده شيئا ، لأنا نفرض ما إذا غفل عن أمره النفسي أو قطع بعدمه ولم يقصده ، فهل يعقل قصده تبعا وضمنا؟ وهل يمكن الالتزام بأن المغفول عنه وغير المقصود يكون داعيا له أيضا؟
فالأولى في الجواب أن يقال : إن العبادية تحصل بمجرد إضافة الفعل إلى المولى ، ولا يعتبر في المقربية والعبادية أزيد من استناد الفعل إلى الله تعالى بنحو من أنحاء الاستناد ومنها إتيانه بداعي امتثال أمره الغيري ، فلا يبقى محذور في جوابه عن الإشكال إلا النقض بالتيمم ، وهو وارد لا يمكن دفعه.
ومنها : ما أفاده شيخنا الأستاذ (1) من أن مبنى الإشكال على حصر منشأ العبادية في أمرها الغيري والنفسي وليس كذلك ، وهذا الحصر غير حاصر ، بل هناك شق ثالث ، وهو تعلق الأمر النفسي المتعلق بالصلاة بها أيضا ، فإنه ينحل وينبسط إلى جميع الأجزاء والشرائط ، ولا فرق بينهما أصلا.
ثم أورد على نفسه بأنه ما الفرق بين الطهارات الثلاث وسائر المقدمات التي لا يعتبر فيها إتيانها عبادة مع أن الأمر واحد ، وتعلقه أيضا على نحو واحد؟
ثم أجاب : بأن الغرض المتعلق بالطهارات لا يحصل إلا بإتيانها عبادة ، بخلاف بقية المقدمات ، ولا محذور في اختلاف الشرائط من هذه الجهة ، بل لا مانع في اختلاف الأجزاء أيضا وإن لم تكن كذلك.
أقول : وقد ذكرنا سابقا مثالا لتعلق الأمر الواحد بمركب من أمرين
Shafi 88