209

إما أن يكون باقيا بعد الحدوث أو لا ، فعلى الأول لا يستغني عن المؤثر ما دام باقيا ، وهو المطلوب ، وعلى الثاني يلزم الانقلاب ، إذ انتفاء لازم الذات والماهية مستلزم لانتفاء الذات ، وهو محال.

وأوضح مثال مثل في المقام : وجود الصورة في النفس ، فإنها موجودة في النفس ما دام تتوجه النفس بها ، وتنعدم بمجرد سلب النفس توجهها عنها. وهكذا وجود الضوء في العالم متفرع على إشراق الجرم المشرق المضيء وتابع له ، فإنه بمجرد وجود حاجب في البين أو انعدامه ينعدم ، فكما أن وجود الصورة في النفس ليس وجودا واحدا موجودا بتوجه [واحد] وهكذا وجود الضوء ليس وجودا واحدا بإشراق واحد ، بل هناك وجودات متتابعة ناشئة من توجهات النفس آنا فآنا ومن إشراقات متعددة واحدا بعد واحد ، إلا أنا نرى واحدا في الظاهر ، فكذلك قدرة العبد أيضا في كل آن غيرها في آن آخر ، وهي في كل آن مفاضة بإفاضة غيرها في آن آخر ، وبمجرد قطع الفيض عن العبد تنعدم من دون احتياج إلى معدم أصلا.

فالقول بالتفويض كالجبر باطل عاطل ، وإنما الحق هو الأمر بين الأمرين ، وأن للعبد سلطنته على الفعل ، وللباري تعالى سلطنة على سلطنته ، والعبد قادر على الفعل والترك ، ومختار بينهما عند إفاضة القدرة والوجود منه تعالى بحيث لو قطع الفيض ينعدم.

Shafi 212