وإذا سألت آخر: كيف وصلت إلى هنا، وليس فيك الشروط المطلوبة؟ أجابك بعين مفتوحة: كله خلط! الدنيا واسطة.
ويجيئك واحد ويسألك: أتعرف فلانا؟ فتجيبه نعم أعرفه، فيفتح أمامك كيس بضاعته مستجيرا بقوله: خلصنا. ما بقي إلا نتفة واسطة وبس. فبحياتك ساعدنا، أنت صاحبه، وينام على يدك.
وإذا سألت غيره: كيف خلصت من تلك الورطة؟ أجابك: واسطتي قوية جدا جدا، والواسطة كما تعلم غير منكورة. وكما في السما كذلك على الأرض!
وإذا سألت الحقوق المقبورة في الأدراج: أي سليمان حبسك في هذه القماقم حتى نمت هنا على فرد جنب؟!! أجابتك: إنها كلمة قادر يقول للأمر: كن فيكون، بل قل: هي وحي يوحى، وهذه هي الواسطة الكبرى.
هذا إذا كنت توفق إلى وسيط صادق، أما إذا كان من يشفع بك من الذين يأكلون الطعم ويقضونها على الصنارة فالويل لك. إنه يحملك خازوقك على كنفك ولا تدري. تقتل الأيام بين ذهاب وإياب وروح وتعال، تارة يستقبلك وطورا ينهزم ويتخبأ، وقد لا يحدث بشأنك أحدا ويزعم لك أنه أقام الدنيا وأقعدها من أجلك.
لست مجنونا حتى أنكر فعل الواسطة وألوم من يتوسطون الناس في قضاء حاجاتهم، ولا أقول لهم دعوها لأني أعلم أن الناس مطبوعون عليها، والغريق يتعلق بحبال الهواء. أما رأيت من يلجئون إلى رسائل التوصيات ويزورون الوسطاء؟ أما يتوسل الناس بالسحرة ويعتقدون أنهم يمهدون العقبات؟
وأخيرا نقول: ما أكبر مصيبة من يئول إليهم أمر الحل والربط والتوظيف والعزل، فإن الناس يقلقون راحتهم وراحة من عندهم من أهل حتى الخدم والحشم، حتى تتعذر عليهم الاستراحة في بيوتهم. إن أولياء الأمور لا ينكرون ما قلت عن الواسطة، فكثيرا ما يصرحون أنهم يتكتمون في إجراءاتهم خوفا من المتوسطين متزرين وعريانين.
مساكين نحن البشر! قرأت أنه صنع في الريو دي جانيرو كأس علوها متران ونصف، وهي معمولة من مائة وخمسين كيلو من الذهب، ومرصعة بالجواهر حتى بلغ ثمنها المليون. ترى ألم يصنع هذا كله واسطة للتقرب لله؟ مع أن حمل الله قال: أريد رحمة لا ذبيحة.
إذا قلنا: إن آغا خان ينتفع بالذهب الذي يوزن به فما حاجة القربان إلى كأس وزنها مائة وخمسون كيلو، وعلوها متران ونصف المتر؟! وبعد ألسنا في حاجة إلى سلم يمكن الكاهن من المباركة عليه؟
أليس يحتاج إلى جرة نبيذ وصينية خبز؟ إنه منسف!
Shafi da ba'a sani ba