لم يكن التحسن كبيرا، لكنه على الأقل كان خطوة في الطريق الصحيح.
قلت لها: «سنسافر في الشهر القادم، إن تغيير المكان سيفيدك وسيكون تغييرا نحتاجه نحن الاثنان.» - «أين سنذهب؟» - «أي مكان، اختاري.»
شبح ابتسامة باهت تلاعب على ثغرها لثانية، ثم اختفى. وراح قناع الشحوب اللعين ينسج شباكه بسرعة على وجهها الناحل.
لشد ما افتقدت ابتسامتها.
بلا مبالغة كانت ابتسامتها هي سبب زواجي منها. لها ابتسامة ساحرة تضيء المكان، وتشعرني دوما أن كل شيء على ما يرام، أمام إشراقة وجهها كنت أغسل درني متوضئا من همومي وأشغالي .
وأغدو في حضرتها طفلا صغيرا يحتاج إلى من يربت على ظهره بحنان، ويخبره ألا تقلق ولا تهتم يا صغيري، فكل شيء بخير.
بالنسبة لي هي الأم الفاضلة، والأخت الحكيمة، والصديقة المتفهمة، والزوجة المصونة، الأنثى الكاملة الخام التي خلق الله من رحمها الرجل ناقصا بدونها، خائفا مرتبكا يتخبط. «جلاتيا» كما في الأساطير الإغريقية التي هام بها «بيجالمون»، وألقى بنفسه عند قدميها يقبلها، ويشعل البخور عند محرابها.
وكأنما قرأت أفكاري، وضعت راحة يدها على يدي فوق الطاولة، وقالت وهي تتأملني: «سنتخطى هذه المحنة، سنكون بخير.»
وضعت راحة يدي الأخرى فوق يدها، وابتسمت بما معناه «سنفعل»، لكن رنين الهاتف قاطع شرودي، فتنحنحت في خجل وراحت تلم الأطباق. ونظرت على المتصل، كان الدكتور أحمد الماحي، زميلي في المستشفى مجددا، رددت على المكالمة، وقلت بلهجة معتذرة: «دكتور أحمد كنت سأتصل عليك بعد قليل.»
رد علي ضاحكا: «بعد أن حصلت على إجازتك، وظللت مع المدام لم يعد لديك وقت للرد علينا.»
Shafi da ba'a sani ba