وكان الوقت الذي شهد بذر بذور هذه الأفكار والأعمال التي شاعت وتفشت في القرن اللاحق، هو عصر الملك إدوارد السادس وأخته الكبيرة، بينما كان كرانمر يقوم بإعداد كتاب الصلوات، والملكة ماري تقتل البروتستانت فتقدم الشهداء الذين لا غنى عنهم لانتشار أي دين جديد، فإذا كانت الثورة المناهضة للكهنوت في عصر هنري الثامن قد شابها انقضاض مقيت وشره بغيض لالتهام ثروة الكنيسة ، فإن الشهداء الذين خلد فوكس
Foxe
ذكرهم في كتابة الذائع ضربوا المثل على التفاني، وأوحوا بذلك الأساس الأخلاقي المتين الذين كان الدين الجديد على مستوى الأمة كلها يحتاج إليه حتى تتضح ملامحه وتشتد أركانه. وعندما جلست الملكة إليزابيث على عرش إنجلترا كان الكتاب المقدس وكتاب الصلوات هما الأساس الفكري والروحي للنظام الاجتماعي الجديد (ص128).
وإزاء هذا كله نرى أن نبوءة كرانمر في ختام المسرحية ليست مجرد حلم، وليست وهما من الأوهام الجوفاء، بل هي صورة يرسمها شيكسبير للنظام الاجتماعي، خصوصا إذا ذكرنا أبعاد التحول الاجتماعي الواسع النطاق في عصر الملكة إليزابيث، وهذا ما ذهبت إليه الأستاذة فرانسيس ييتس
Yates
في كتابها العظيم «آخر مسرحيات شيكسبير»: مدخل جديد، (1957م)؛
Francis Yates,
Shakespeare’s Last Plays: A New Approach , London, 1957.
إذ إنها تربط بين هذه المسرحية وبين مسرحية سيمبلين
Cymbeline
Shafi da ba'a sani ba