Nicholas Rowe
في طبعة عام 1709م، وكان ذلك بطبيعة الحال في عصر الكلاسيكية الجديدة، فاهتم مثل معاصريه بالإشارة إلى عدم محافظة الكاتب على «الوحدات» الدرامية الثلاث، وخصوصا وحدتي الزمان والمكان، واعتبر ذلك عيبا من عيوب المسرحيات التاريخية بصفة عامة، ولو أنه امتدح مبدأ المواءمة أو اللباقة
decorum ؛ أي اتفاق صفات وأفعال وأقوال كل الشخصيات مع مكانتها في المجتمع والعالم، وهو مبدأ أساسي من مبادئ الكلاسيكية الجديدة (طبعة 1997م، الصفحتين 29-30). ويعرب رو عن إعجابه بشيكسبير بسبب عدم إظهاره عيوب الملك هنري الثامن على نحو ما رواه المؤرخون، قائلا إن ذلك يدل على احترام الكاتب لذكرى الملكة إليزابيث (ابنة الملك)، كما يمتدح دون إسهاب تصوير الكاتب لأحزان الملكة كاثرين، قائلا إنه يشير «الشفقة» و«الخوف» ويقترب بمصيرها من مصير المأساة، وذلك أيضا من أصول الكلاسيكية الجديدة التي ازدهرت في القرن الثامن عشر. وكان الإعجاب الذي أثارته عروض هذه المسرحية على امتداد القرن الثامن عشر - أساسا بسبب ثراء المناظر وجمالها
pageants - كفيلا بلفت نظر كبار النقاد إليها، وربما أثرت العروض في تقدير قيمتها الدرامية، مع التركيز على مأساة الملكة كاثرين، إذ ركز الدكتور صمويل جونسون
Samuel Johnson
على مصيرها المأسوي واعتبرها البطلة الحقيقية، وقد تنبه إلى سر نجاحها الجماهيري، وامتدح المشاهد التي تظهر فيها الملكة، وأثنى بصفة خاصة على المشهد الثاني من الفصل الرابع، قائلا إنه يفوق أي جزء آخر من مآسي شيكسبير، بل وربما كان أفضل من أي مشهد كتبه أي شاعر آخر (طبعة 1957م، من ملاحظات حول شيكسبير
Notes to Shakespeare ، الصفحتين 65-66) وهو يثني بصفة خاصة على الرقة والشفقة والتعاطف في هذا المشهد، لكنه يستثني سائر المسرحية من إطرائه.
وظلت آراء جونسون سائدة حتى جاء سبيدنج في منتصف القرن التاسع عشر وألقى بقنبلة التشكيك في نسبة المسرحية إلى شيكسبير على نحو ما أشرنا آنفا، فأثار لدى نقاد العصر الفكتوري نوازع القيم «الأخلاقية»؛ أي البحث في القيمة المعنوية أو الروحية لأحداث المسرحية، خصوصا بسبب عبارته الشهيرة التي تقول «إن المسرحية تكاد لا تقدم إلا الانتصار النهائي للشر»؛ ومن ثم فهو ينعى على المسرحية الافتقار إلى التماسك المعنوي في بنائها (أو عدم التماسك الأخلاقي
incoherent moral design ) وقد رد على ذلك بيتر ألكسندر في الفصل المشار إليه من كتابه الصادر عام 1930م (مقالات ودراسات) قائلا إنه يرى الكثير مما يستحق المديح، سواء في بناء المسرحية أو في تطوير موضوعاتها الأساسية، وهو يفصل القول في نمط بناء المسرحية من خلال البناء الموسيقى الذي يعتمد على «التكرار والتنويع
repetition with variation »؛ أي إن «الثيمة» (خيط الفكرة) تتكرر على امتداد المسرحية في صور مختلفة؛ أي في صور تتنوع لتؤكد الجوهر، بمعنى أن العرض (بفتح الراء) الذي يمثله العرض (بتسكين الراء) يتغير ولكن الجوهر واحد، وهو في رأيه «موضوع» أخلاقي، يتمثل في تفاهة العظمة الدنيوية وبهرجها الزائف. ويضيف ألكسندر إن ما يوحد المسرحية حقا هو هذا العنصر البنائي، إلى جانب جو التسامح والتعاطف الذي يسود المسرحيات الرومانسية عند شيكسبير. وأظن ظنا أن ألكسندر كان يرد على آرثر سايمونز
Shafi da ba'a sani ba