Hegel Gabatarwa Mai Gajarta
هيجل: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
ربما، لكن إذا أجبرنا في نهاية الأمر على تقبل وجهة النظر هذه، فسنتقبلها بعد فهم أفضل لغموض موقف هيجل وتشككه مما لو قمنا بتبني هذه الترجمة من البداية.
لا شك أنه ما زال هناك العديد من الشكوك حول مفهوم هيجل عن العقل. فمن جهة، يحتاج هيجل إلى مفهوم عقل جمعي أو كوني، ليس فقط لتجنب النموذج الذاتي للمثالية، بل أيضا كي يثبت رؤيته التي تشير إلى أن العقل يتوصل إلى رؤية الواقع كله بوصفه من صنعه. فإذا كانت هناك ملايين العقول الفردية المتمايزة، فلن يتمكن عقل منفرد من رؤية الكثير من الواقع بوصفه من صنعه عمليا؛ لأن جزءا كبيرا من الواقع سيكون عمليا من صنع عقول أخرى. كثيرا ما ستثبت الطريقة التي يدرك العقل بها العالم قبل وصوله للمعرفة المطلقة - كشيء مستقل عنه بل وعدائي تجاهه - أنها ليست خدعة، لكنها الحقيقة المجردة. يبدو كما لو أن هذا كله يفرض علينا تفسيرا لفهم مصطلح هيجل «العقل» بوصفه نوعا من الوعي الكوني؛ ليس بالطبع المفهوم التقليدي للإله بوصفه منفصلا عن الكون، لكن كشيء ما أقرب للفلسفات الشرقية التي تصر على أن «الكل واحد».
من ناحية أخرى، يعتبر هيجل نفسه مدافعا أساسيا عن العقل. فهل نستطيع أن نوفق بين هذا وبين ما يقوله، ويحتاج لقوله، بشأن العقل؟ قد تكون إحدى الطرق التي يمكن أن نقوم من خلالها بذلك هي أن نتأمل بجدية مدى إيمان هيجل بأن الوعي يجب أن يكون اجتماعيا. يصر هيجل، بداية من الجزء الأول في كتاب «فينومينولوجيا العقل»، على أن المعرفة تصبح معرفة فقط إذا كان من الممكن نقلها عن طريق اللغة. إن حتمية استخدام اللغة تلغي فكرة وجود وعي مستقل تماما. يجب أن يتفاعل الوعي مع نماذج أخرى من الوعي كي يتطور ليصبح وعيا ذاتيا. وفي النهاية، لا يمكن أن يجد العقل الحرية وفهم الذات إلا في مجتمع منظم بعقلانية. إذن فالعقول ليست ذرات منفصلة، تربطها مصادفات. فإما أن توجد العقول الفردية معا، أو لا توجد على الإطلاق.
إن نظرية هيجل الاجتماعية مهمة؛ خاصة لتأثيرها على الفكر لاحقا، لكنها قد لا تكون كافية لتسمح لنا بفهم فكرته عن المعرفة كعقل متحد مع ذاته. لكن يظل هناك عنصر ثان يمكن طرحه؛ ألا وهو فكرته عن الطبيعة الكونية للتفكير العقلاني. لقد سبق وأن رأينا كيف يعتبر هيجل التفكير العقلاني هو المبدأ الرئيسي للعقل، ويرى أن هذا التفكير كوني بصورة أساسية. كان يمكنه إذن أن يقول: بقدر ما أن العقول الفردية هي عقل في الواقع - وليست رغبة أنانية أو متقلبة - بقدر ما ستفكر وتتصرف حقا بتناغم بعضها مع بعض، وستعرف حقا أنها جميعا تملك الطبيعة الأساسية نفسها. هذه الطبيعة الأساسية - هذا «العقل الكوني» - ليست عقلا فرديا أو عقلا جمعيا، وإنما هي ببساطة وعي عقلاني.
قد تكون وجهة النظر هذه متطرفة وأحادية بشأن طبيعة التفكير العقلاني والعقل. وقد تستند - كما أشرت فيما يتعلق بفلسفة هيجل السياسية - إلى تفاؤل مضلل بشأن إمكانية وجود تناغم بين العقول البشرية. ومع ذلك، لا يعد هذا ارتدادا إلى الوحدة الروحية لوعي كوني. أما كونها تفسيرا دقيقا للرسالة الرئيسية التي يحملها كتاب «فينومينولوجيا العقل» أم لا، فهي مسألة أخرى.
الفصل الخامس
المنطق والمنهج الجدلي
كما ذكرت في مقدمة الكتاب، أنا لا أنوي تقديم عرض تفصيلي لكتاب هيجل «علم المنطق»، لكنني من جهة أخرى لا أرغب في أن أترك انطباعا خاطئا لدى القارئ بأن كتاب «علم المنطق» عمل غير مهم أو سطحي بالنسبة لنسق هيجل الفلسفي ككل؛ لذلك سأذكر بعض ما أراد هيجل تحقيقه في هذا الكتاب، وفي أثناء ذلك، سأستغل الفرصة لشرح رؤيته بشأن المنطق التي كثيرا ما ينظر إليها بوصفها أعظم اكتشافات هيجل، والتي تعرف بالمنهج الجدلي.
مفهوم هيجل عن المنطق
يخبرنا هيجل في مقدمة كتابه «علم المنطق» أن غاية المنطق هي الحقيقة. هذا أمر طيب، لكن أي نوع من الحقيقة؟ يبدأ هيجل بالإشارة إلى وجهة النظر التقليدية بشأن الموضوع، التي تبدأ بالفصل بين الشكل والمضمون، وتعتبر أن المنطق هو دراسة شكل الفكر الحقيقي أو الصحيح، بصرف النظر عن مضمونه. فالمنطق، على النحو الذي يفهم به عادة، يدرس أشكالا من الحجج المنطقية، مثل:
Shafi da ba'a sani ba