Hegel Gabatarwa Mai Gajarta
هيجل: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
الفصل الثالث
الحرية والمجتمع
لغز
رأينا أن هيجل يؤمن بأن أحداث الماضي كلها كانت تتجه نحو تحقيق هدف الحرية. في ختام كتاب «فلسفة التاريخ»، كانت هناك إشارة إلى أن هذا الهدف قد يكون قد تحقق، لكن هيجل قدم بعض الإشارات إلى السبب الذي ينبغي بناء عليه اعتبار بروسيا - أو أي دولة ألمانية أخرى موجودة في ذلك الوقت - النتيجة العظيمة لثلاثة آلاف عام من النضال في تاريخ العالم. عندما ألقى هيجل محاضراته حول فلسفة التاريخ، كان عهد الإصلاح الليبرالي في بروسيا على يد فون شتاين وهاردينبرج قد انتهى. كان الملك ومجموعة صغيرة من العائلات ذوات النفوذ يهيمنون على بروسيا، وافتقرت بروسيا إلى وجود برلمان ذي شأن، حيث حرمت الأغلبية العظمى من مواطنيها من إبداء رأيهم في تصريف شئون الدولة، وفرضت رقابة صارمة. كيف استطاع هيجل أن يعتبر مثل هذا المجتمع قمة الحرية الإنسانية؟ هل لنا أن نستغرب إذن قول الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، وفي ذهنه هيجل: «الحكومات تحول الفلسفة إلى وسيلة لخدمة مصالح الدولة، والعلماء يحولونها إلى تجارة»؟ أو اعتقاد كارل بوبر أن هيجل كان لديه هدف واحد وهو «محاربة المجتمع المنفتح؛ وذلك ليخدم سيده، فريدريش فيلهلم ملك بروسيا»؟
في هذا الفصل سأحاول شرح مفهوم هيجل للحرية، وفي حال نجاحي في هذه المهمة، سأكون قد أظهرت أنه بصرف النظر عن دافعه، يجب أخذ فكر هيجل حول هذا الموضوع على محمل الجد؛ لأنه يتعمق بشدة في دراسة افتراضات كثيرا ما نطرحها عندما نقول إن مجتمعا ما حر وآخر غير حر.
لقد شاهدنا أن هيجل في مقدمة كتاب «فلسفة التاريخ» يقول إن تاريخ العالم ليس إلا تقدم الوعي بالحرية، ويضيف هيجل - بعد بضعة أسطر - أن مصطلح «الحرية» هو «مصطلح غير محدد وغامض بصورة هائلة ... وعرضة لوقوع حالات لا حصر لها من سوء الفهم والالتباس والأخطاء.» للأسف، يمتنع هيجل عن تقديم تعريف أوضح من ذلك، قائلا بدلا من ذلك إن الطبيعة الأساسية للحرية «ستظهر» في عملية تفسير تاريخ العالم. لكن هذا لا يكفي تماما. قد تكون دراستنا لكتاب «فلسفة التاريخ» أعطتنا لمحة عن رؤية هيجل للحرية، لكن إن صح هذا، فهي لمحة تستلزم على نحو سريع شرحا إضافيا لتعليقات هيجل الأكثر وضوحا عن الأمر في كتابه «فلسفة الحق».
أولا: سأتحدث عن العنوان. يوحي العنوان: «فلسفة الحق» للقارئ العادي بأن الكتاب يتناول موضوع الصواب والخطأ؛ أي دراسة حول الأخلاق. بالفعل تبرز الأخلاق في الكتاب، لكن موضوعه أقرب للفلسفة السياسية. الكلمة الألمانية في عنوان كتاب هيجل المترجمة إلى «الحق» هي
Recht . قد تعني هذه الكلمة «الحق»، لكن لها دلالات أوسع، بما في ذلك «القانون»، حين نشير إلى «القانون» كمفهوم لا إلى قانون بعينه. وهكذا يعبر كتاب «فلسفة الحق» عن أفكار هيجل الفلسفية حول الأخلاق وعلم القانون والمجتمع والدولة. ونظرا لأن الحرية دائما ما تكون محورية لدى هيجل، يتضمن هذا الكتاب أكثر معالجة تفصيلية للحرية على المستويين الاجتماعي والسياسي. بالطبع يتضمن معالجات لموضوعات أخرى أيضا، لكنني سأتغاضى عنها من أجل السعي وراء مفهوم الحرية المهم.
الحرية المجردة
من الأفضل أن نبدأ بشيء مألوف. تأمل ما يمكن أن نطلق عليه المفهوم الليبرالي الكلاسيكي للحرية. يرى الليبراليون عامة الحرية بوصفها غياب القيود؛ فأنا حر إذا لم يتدخل الآخرون في شئوني ولم يجبروني على فعل شيء لا أرغب في القيام به؛ أنا حر عندما أقوم بما يحلو لي. أنا حر عندما يدعني الآخرون وشأني. هذا هو مفهوم الحرية الذي أطلق عليه أشعيا برلين «الحرية السلبية» في مقاله الشهير «مفهومان للحرية».
Shafi da ba'a sani ba