بعدها قمت بتأليف عدة حلقات غير مكتملة من أحلام اليقظة. تخيلت أن السيد تشامبرلين رآني في مبذل أمي الأسود ذي الزهور وكان منسدلا من على كتفي مثلما رأيت نفسي في المرآة، ثم اقترحت أن أخلع الثوب وأتركه يراني عارية تماما. كيف يمكن أن يحدث هذا؟ يجب أن أتخلص من الآخرين الذين يتواجدون عادة معنا في المنزل. أرسلت أمي خارج البيت كي تبيع موسوعاتها، ونفيت أخي إلى المزرعة. لا بد أن يكون هذا في إجازة الصيف عندما أكون في البيت لا أذهب للمدرسة، ولا تكون فيرن قد عادت بعد من مكتب البريد. ثم أنزل أنا إلى الطابق السفلي في عصر يوم قائظ لا أرتدي شيئا سوى هذا الثوب الحريري. أشرب كوبا من الماء أمام الحوض دون أن ألحظ وجود السيد تشامبرلين الذي يجلس بهدوء في الحجرة ... وماذا بعد؟ كلب غريب - يظهر في بيتنا لأول مرة لهذه الغرض فحسب - يقفز علي ويجذب الثوب عن جسدي، أو ربما أستدير بشكل ما فيشتبك الثوب بمسمار في أحد المقاعد وينزلق عن جسدي ويسقط عند قدمي، المهم أن يحدث هذا دون قصد، دون مجهود من جانبي، وبالتأكيد دون أي مجهود من جانب السيد تشامبرلين. لكن حلمي انتهى عند نقطة التعري هذه ولم يتخطها. في الواقع، غالبا لم يكن يصل إلى هذه النقطة بل يتوقف عند التفاصيل المبدئية ويعززها ويجعلها متماسكة، لكن لم يتمكن عقلي من تعزيز لحظة التعري أمام أحد، فكانت تسطع دائما كوميض ضوء مبهر. لم أتخيل قط رد فعل السيد تشامبرلين، بل إنني لم أتصوره هو بوضوح. كان وجوده أساسيا لكنه ضبابي، يقبع في إحدى زوايا حلم اليقظة بلا ملامح لكنه مع هذا قوي ، يصدر أزيزا كهربائيا كمصباح فلورسنت أزرق. •••
ذات مرة رآنا والد ناعومي بينما كنا نسرع أمام باب غرفته في طريقنا للطابق السفلي. «تفضلا أيتها الآنستان، وشرفاني بزيارتكما قليلا.»
كنا في فصل الربيع، وكان مساء عاصفا غابرا، ورغم هذا كان يحرق بعض القمامة في موقد معدني مستدير في غرفته؛ مما جعل الغرفة حارة وكريهة الرائحة. وكان قد غسل جواربه وثيابه الداخلية وعلقها على حبل ممدود على طول الجدار. كانت ناعومي ووالدتها تعاملانه معاملة سيئة، وعندما لا تكون والدة ناعومي بالمنزل كانت ناعومي تفتح علبة مكرونة اسباجتي وتضعها بإهمال في طبق وتقدمها له كعشاء، فكنت أقول لها: «ألن تقومي بتسخينها؟» فترد قائلة: «وعلام العناء؟ إنه لن يلاحظ الفارق على أية حال.»
وعلى أرضية غرفته كانت هناك رزم من كتيبات مطبوعة على ورق صحف، أظن أنها تتعلق بالدين الذي يعتنقه، وكانت ناعومي أحيانا تضطر لأن تحضرها من مكتب البريد. ونظرا لأنها كانت تحتذي بوالدتها، فقد كانت تحمل مقتا لمعتقداته الدينية، وتقول: «كلها تنبؤات وتنبؤات، لقد تنبئوا بنهاية العالم ثلاث مرات حتى الآن.»
جلسنا على حافة السرير الذي لم يكن عليه مفرش، وإنما بطانية قذرة خشنة، وجلس هو على كرسيه الهزاز قبالتنا. كان رجلا عجوزا، وكانت والدة ناعومي تمرضه قبل أن تتزوجه. تتخلل عباراته لحظات صمت طويلة لا ينسى فيها محدثه، لكنه يركز عينيه الشاحبتين على جبهته كما لو كان يتوقع أن يجد بقية أفكاره مكتوبة عليها. «أقرأ في الكتاب المقدس.» قالها بلهجة ودودة ودون داع وبأسلوب من اختار ألا يرى الاعتراضات التي يعلم أنها موجودة. ثم فتح إنجيلا كبيرا مطبوعا على صفحة تحمل علامة، وشرع يقرأ بصوت عجوز حاد، وكان يتوقف وقفات غريبة ويعاني صعوبات في التعبير.
حينئذ يشبه ملكوت السماوات بعشر عذارى أخذن مصابيحهن وانطلقن لملاقاة العريس.
وكانت خمس منهن حكيمات، وخمس جاهلات. فأخذت الجاهلات مصابيحهن دون زيت.
وأما الحكيمات، فأخذن مع مصابيحهن زيتا وضعنه في أوعية. وإذ أبطأ العريس، نعسن جميعا ونمن. وفي منتصف الليل، دوى الهتاف: ها هو العريس آت ؛ فانطلقن لملاقاته!
فنهضت العذارى جميعا وجهزن مصابيحهن. وقالت الجاهلات للحكيمات: أعطيننا بعض الزيت من عندكن، فإن مصابيحنا تنطفئ!
عندها اتضح بالطبع - فقد تذكرت أني قد سمعت هذا الكلام من قبل - أن العذارى الحكيمات لم يعطين الأخريات أي مقدار من الزيت خشية ألا يتبقى لهن ما يكفي، وستذهب الجاهلات كي يبتعن بعض الزيت فيفوتهن مقدم العريس ويستبعدن. كنت دائما أظن أن هذه الحكاية - التي لم ترق لي - تتحدث عن الحكمة والاستعداد أو شيء من هذا القبيل. لكنني أرى الآن أن والد ناعومي يراها تدور حول الجنس. التفت جانبا في اتجاه ناعومي فرأيتها تمتص جانب فمها للداخل، وهو الانطباع الذي يرتسم على وجهها دائما عندما تتعرف على هذا الموضوع، لكنها كانت تبدو متذمرة وبائسة، مشمئزة من ذلك الشيء الذي كنت أعتبره متعتي السرية؛ ألا وهو ذاك التيار المتدفق من الكلمات الشعرية والتعبيرات التي لم تعد مستخدمة. لقد كانت مستاءة من كل هذا حتى إنها لم تستمتع حتى بكلمة العذارى.
Shafi da ba'a sani ba