Rayuwar Almasihu
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
Nau'ikan
وجملة ما يؤخذ من الكلمة في هذه المواضع الثلاثة أنها كانت نسبة ازدراء وتعيير على ألسنة أعداء المسيحيين، وليس من الصعب أن يضيع الكلام عن طائفة لا عنوان لها بين ما يكتب عن جماهير ذلك الزمن في غمار التواريخ، وبخاصة إذا كانت لم تبلغ من الخطر ما يدركه مؤرخ الحوادث الكبرى، وكان من هم أولئك المؤرخين أن يستصغروا شأنها؛ لأنها طائفة مغضوب عليها في مراجع الدين ومراجع الدولة؛ فالهيكل ينكرها، والحكومة الرومانية تترفع عنها، ولم يحدث قبل ذلك أن طائفة من طوائف فلسطين جمعت بين غضب السلطتين، وهي مع ذلك غير معروفة بعنوان تدور عليه الأخبار! •••
ويبدو لنا أن نشوة العلم الجديد - علم المقابلة بين الأديان - هي التي دفعت أصحابها في القرن الثامن عشر إلى تحميل المشابهات والمقارنات فوق طاقتها، فإننا نرى أمامنا في هذا العصر أن هذه المشابهات لا تنفي ولا تثبت، بل لعلها إلى الإثبات أقرب منها إلى النفي على الإجمال.
نحن نرى في هذا العصر أن أتباع الطرق الدينية يتنافسون؛ فينسب كل منهم إلى وليه المختار كرامات جميع الأولياء الآخرين؛ لأنه يؤمن بتلك الكرامات، ولا يشك في وقوعها، ولكنه يعتقد أن وليا واحدا هو الجدير بإتيانها، وهو الولي الذي اصطفاه وفضله على غيره من الأولياء.
ونحن نرى في هذا العصر وفي جميع العصور أن المشهور في صفة من الصفات تضاف إليه نوادر تلك الصفة وعجائبها، ويصبح علما لتلك الصفة في كل ما يروى عنها وينسب إليه، فالمشهور بالكرم تنسب إليه المكارم جميعا بغير سند، والمشهور بالشجاعة يذكر بعد ذلك كأنه هو صاحب تلك النادرة، أو صاحب نادرة مثلها، إن لم تكن تفوقها وتزيد عليها في بابها.
وينبغي أن نذكر أن المسيحية وجدت قبل أن تقترن بها تلك المراسم والتقاليد، وأن المسيحيين الأوائل أعرضوا عن كثير منها واستنكروه ومنعوه، ومنهم من كان يحرم الاحتفال بمولد للمسيح في يوم كائنا ما كان، وعلى رأسهم أوريجين الفقيه العظيم، وقد مضت ثلاثة قرون قبل أن تحتفل كنيسة من الكنائس المعتمدة بعيد الميلاد في تاريخ من التواريخ، ثم اختلفت الكنائس فاحتفلت الكنيسة الشرقية بالميلاد في السادس من شهر يناير، واحتفلت به الكنيسة الغربية في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر، ويرجح أنها اختارت هذا اليوم لتصرف المسيحيين عن حضور المحافل الوثنية التي كانت تتخذه عيدا للشمس، وتعلن فيه الأفراح بانتصار النور على الظلام؛ لأن الاعتدال الخريفي هو الموعد الذي يقصر فيه الليل ويطول النهار.
ولا يخفى أن بولس الرسول قد ولد في طرسوس، وهي مركز من مراكز الديانة المثرية، فليس من المستغرب أن تعلق بذهنه بعض مصطلحاتها وعاداتها، وأن يكون قد تقبل بعضها تيسيرا لإقناع أتباعها بالدعوة الجديدة، فلم يزل من سياسة التبشير في جميع الدعوات أن تيسر في هذا الباب ما يستطاع تيسيره، وقد ظلت هذه السياسة مرعية عدة قرون، إذ نقل الراهب
Bade
في تاريخ الكنيسة الإنجليزية خطابا لغريغوري الأول (تاريخه سنة 601 ميلادية)، يستشهد فيه بنصيحة المستشار بالبابوي مليتس
Mellitus
الذي كان ينهى عن هدم المعابد الوثنية، ويرى الإبقاء عليها «وتحويلها من عبادة الشياطين إلى عبادة الإله الحق، كي يهجر الشعب خطايا قلبه ، ويسهل عليه غشيان المعاهد التي تعود ارتيادها».
Shafi da ba'a sani ba