فلما حل وقت الافطار ، والطعام بين أيديهم ، وإذا بيتيم على الباب يشكو ألم الجوع ، فتبرعوا جميعا بقوتهم ، وطووا ليلتهم ، ولم يذوقوا سوى ماء القراح ، وفي اليوم الثالث قامت سيدة النساء فطحنت ما فضل من الطعام وخبزته ، فلما حان وقت الافطار قدمت لهم الطعام ، وسرعان ما طرق الباب أسير يشكو الجوع فسحبوا أيديهم من الطعام ، ومنحوه له ، سبحانك اللهم أي مبرة أعظم من هذه المبرة ، وأي ايثار اعظم من هذا الايثار!!!
وفي اليوم الرابع جاء رسول الله (ص) لزيارتهم ، فرآهم ويا لهول ما رأى ، رأى الصفرة بادية على الوجوه ، الارتعاش حل في أجسامهم من الضعف ، فتغير حاله وانطلق يقول :
« وا غوثاه أهل بيت محمد يموتون جياعا!! ».
ولم ينته الرسول (ص) من كلامه حتى هبط عليه أمين الوحى ، وهو يرفع إليه سورة « هل اتى » وفيها اجمل الثناء وعاطر الذكر لاهل البيت قال تعالى : ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. )
لقد شكر الله سعيهم على هذا الايثار الذي لا نظير له في عالم المبرات والاحسان ، وأورثهم في دار الآخرة الفردوس يتقلبون في نعيمه ، وجعل ذكرهم خالدا ، وحياتهم قدوة ، وجعلهم أئمة للمسلمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وبهذا ينتهي بنا المطاف عن بعض الآيات التي نزلت في حق أهل البيت عليهم السلام ، وهي من دون شك تتناول الامام الحسن (ع)، وتدل على خطورة شأنه ، وسمو منزلته عند الله.
Shafi 78