وكانت لجنة الإدارة تجتمع مرتين في الشهر لتجمع المعلومات اللازمة وتطلع المليك عليها وعلى كل ما يحدث في المستشفى، وقد بلغ من اهتمامه بالصحة والمستشفى العسكري أن حبب إليه بقية المرضى الذين كانوا في المستشفى المدني، فطلبوا الدخول إليه، وانتهى الأمر بإقفال هذا الأخير.
هذه الحياة المملوءة عزما ونشاطا وإبداعا، وهذه القوة التي كانت تنفق بلا حساب في هذه القطعة الحقيرة من الأرض فتحت لبعض الإنكليز والفرنسويين من أتباع لويس الثامن عشر بابا جديدا للسخرية والتشفي، فملئوا الأرض نشرات وصورا تمثل نابوليون في حالات مضحكة ومخزية؛ هذا يسميه البهلوان الذي يقلد محمدا والذي يحكم اليوم على العبيد والقردة، وذاك يصوره قزما محاطا بكل أحدب وأعرج، وقد أمر بتعبئة جيش ضخم قوامه ثلاثون رجلا، أو مشى للنزهة على الشاطئ بثياب روبنسون وعلى رأسه قبعة من الفرو وفي يده مظلة وعلى كتفه ببغاء هي نسره المهيض الجناح.
أما هو فلا ريب أنه في أعماق نفسه كان يتألم كثيرا لهذا السقوط الهائل، والذي زاد في جراحه هو بعده عن ماري لويز التي كانت لا تزال تملأ قلبه، وقد كتب لها مرارا من الجزيرة، ولكنها كانت تعتذر بانحراف صحتها ناسية واجباتها الزوجية، مشغولة عنه بالحب الأثيم الذي علق بقلبه بها شراره.
الفصل الثالث عشر
مشية الظافر
صورة تهكمية ضد نابوليون وهو في جزيرة ألب.
في 16 فبراير سنة 1815 ودع الإمبراطور أمه وشقيقته البرنسس بونس وترك قصره الحقير محاطا برجال السلطة والسكان الذين هرعوا لتوديعه، وركب البحر قاصدا شطوط فرنسا فوصلها في أول مارس.
وكان أمامه طريقان: طريق بروفانس وكلها أخطار لبغض السكان وشدة عدائهم له، وطريق الألب وكلها أمان لكثرة محبيه ومريديه فلم يسعه التردد في الاختيار.
ولا يزال في قرية سان فاليه القائمة على قمة الجبل من فوق مدينة كراس تذكار خطي لمرور نابوليون في تلك الناحية واستراحته حينا مع جيشه الصغير قبل مواجهته الأقدار.
ويقال إنه في كراس كانت بادية عليه سيماء الضعف والألم، حتى كان لا يقوى على الركوب ويتجافاه ما أمكن، فأحضر له برتران مركبة كبيرة قطع فيها شوطا من الطريق ثم تركها؛ لأنه أراد أن يظهر للشعب راكبا، وربما كان سبب هذا الألم تشنج المثانة الذي كان ينتابه حينا بعد حين، أو أنه كان مصابا بالبواسير.
Shafi da ba'a sani ba