22

Hawi Li Fatawi

الحاوي للفتاوي

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1424 AH

Inda aka buga

بيروت

أَجْرٌ؟ قَالَ: " أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ، أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ: " فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي حَلَالٍ، كَانَ لَهُ أَجْرٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَطَرِيقَةٌ أُخْرَى فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي احْتَجَجْنَا بِهَا صَرِيحَةٌ فِي الْمَقْصُودِ، وَالْأَحَادِيثَ الَّتِي احْتُجَّ بِهَا لِلنَّجَاسَةِ، وَهِيَ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً، وَإِنَّمَا اسْتُدِلَّ بِهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ وَاللُّزُومِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ، وَمَا كَانَ صَرِيحًا، فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا كَانَ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ. وَقَدْ سَلَكَ ابن دقيق العيد فِي التَّرْجِيحِ مَسْلَكًا آخَرَ، فَقَالَ: نَهْيُهُ ﵇ عَنِ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ مَخْصُوصٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَقَوْلُهُ ﵇: («أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ») غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِالِاتِّفَاقِ، فَيُرَجَّحُ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى مُعَارِضِهِ، هَذَا كَلَامُ ابن دقيق العيد. وَمَسْلَكٌ آخَرُ فِي الْجَوَابِ، وَهُوَ أَنَّا نَمْنَعُ عَنْ كَوْنِ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ لِأَجْلِ شَعْرِهَا، بَلْ لِمَعْنًى آخَرَ أَشَارَ إِلَيْهِ الخطابي، وَهُوَ أَنَّهَا إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا مَرَاكِبُ أَهْلِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ، وَتَمَامُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ مِنْ صُنْعِ الْأَعَاجِمِ، وَقَدْ صَحَّتِ الْأَحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِفِعْلِ الْأَعَاجِمِ أَيِ الْفُرْسِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ النَّهْيَ مُطْلَقٌ، وَلَوْ كَانَ لِأَجْلِ نَجَاسَةِ الشَّعْرِ لَكَانَ يَزُولُ بِنَتْفِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَدِيثَ شَامِلٌ لِلْحَالَتَيْنِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَجْلِ نَجَاسَةِ الشَّعْرِ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ السِّبَاعِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ، فَإِنَّ الْغَنَمَ وَسَائِرَ الْحَيَوَانَاتِ كَانَتْ تُسَاوِي السِّبَاعَ فِي ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِمَعْنًى آخَرَ غَيْرِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ السِّبَاعِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ. وَأَمْرٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّ أبا داود رَوَى فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ معاوية قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «لَا تَرْكَبُوا الْخَزَّ وَالنِّمَارَ» " فَقِرَانُ الْخَزِّ بِالنِّمَارِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ لَا لِلنَّجَاسَةِ، وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ أحمد، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْمِيثَرَةِ، وَالْقَسِّيَّةِ، وَحَلْقَةِ الذَّهَبِ، وَالْمُفْدَمِ» قَالَ يزيد: الْمِيثَرَةُ جُلُودُ السِّبَاعِ، وَالْقَسِّيَّةُ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ مِنْ إِبْرَيْسَمٍ، وَالْمُفْدَمُ الْمُشَبَّعُ بِالْعُصْفُرِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ التَّخَتُّمَ بِالذَّهَبِ، وَالْقَسِّيَّةَ، وَثِيَابَ الْمُعَصْفَرِ، وَالْمُفْدَمَ، وَالنُّمُورَ» . فَقِرَانُ جِلْدِ السِّبَاعِ وَالنُّمُورِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ لَا لِلنَّجَاسَةِ. وَرَوَى أبو داود أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ

1 / 25