142

Hawi Li Fatawi

الحاوي للفتاوي

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1424 AH

Inda aka buga

بيروت

[قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَكُلُّ مَسْجِدٍ بُنِيَ عَلَى ضِرَارٍ أَوْ رِيَاءٍ أَوْ سُمْعَةٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ] قُلْنَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَإِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلْعِبَادَةِ وَحَضَّ الشَّرْعُ عَلَى بِنَائِهِ يُهْدَمُ، وَيُنْزَعُ إِذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَمَا ظَنُّكَ بِسِوَاهُ؟ بَلْ هُوَ أَحْرَى أَنْ يُزَالَ وَيُهْدَمَ، هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ القرطبي.
وَقَالَ ابن فرحون فِي طَبَقَاتِ الْمَالِكِيَّةِ فِي تَرْجَمَةِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ أَحَدِ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ قَاضِي مِصْرَ: كَانَ عَدْلًا فِي قَضَائِهِ مَحْمُودَ السِّيرَةِ، قَالَ محمد بن عبد الحكم: قَالَ ابن أبي داود: لَقَدْ قَامَ حَارِسُكُمْ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ هَدَمَ مَسْجِدًا كَانَ بَنَاهُ خُرَاسَانِيٌّ بَيْنَ الْقُبُورِ بِنَاحِيَةِ الْقُطْبِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَكَانَ يَجْتَمِعُ فِيهِ لِلْقِرَاءَةِ وَالْقَصَصِ وَالتَّعْبِيرِ، قَالَ ابن فرحون: وَبِمِثْلِ هَذَا أَفْتَى يحيى بن عمر فِي كُلِّ مَسْجِدٍ يُبْنَى نَائِيًا عَنِ الْقَرْيَةِ حَيْثُ لَا يُصَلِّي فِيهِ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، وَإِنَّمَا يُصَلِّي فِيهِ مَنْ يَنْتَابُهُ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى فِي مَسْجِدِ السَّبْتِ بِالْقَيْرَوَانِ، وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى أبو عمران فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ بِجَبَلِ فَاسَ.
وَقَالَ ابن فرحون فِي كِتَابِهِ تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ فِي أُصُولِ الْأَقْضِيَةِ وَمَنَاهِجِ الْأَحْكَامِ: التَّعْزِيرُ لَا يَخْتَصُّ بِفِعْلٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا قَوْلٍ مُعَيَّنٍ فَقَدْ عَزَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْهَجْرِ. وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِهَجْرِ صبيغ الَّذِي كَانَ يَسْأَلُ عَنْ مُشْكِلَاتِ الْقُرْآنِ فَكَانَ لَا يُكَلِّمُهُ أَحَدٌ. وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَسْرِ دِنَانِ الْخَمْرِ وَشَقِّ ظُرُوفِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ إِبَاحَتُهُ سَلَبَ الصَّائِدِ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ لِمَنْ وَجَدَهُ، وَأَمْرُهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو بِتَحْرِيقِ الثَّوْبَيْنِ الْمُعَصْفَرَيْنِ، وَأَمْرُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ بِكَسْرِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَ فِيهَا لُحُومُ الْحُمُرِ، وَهَدْمُهُ لِمَسْجِدِ الضِّرَارِ، وَأَمْرُهُ بِتَحْرِيقِ مَتَاعِ الْغَالِّ، وَبِقَطْعِ نَخْلِ الْيَهُودِ وَتَحْرِيقِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ «أَنَّهُ ﷺ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُثَبِّطُونَ النَّاسَ عَنْهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ طلحة فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُحْرِقَ عَلَيْهِمُ الْبَيْتَ فَفَعَلَ»، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ بِتَحْرِيقِ قَصْرِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لِمَا بَلَغَهُ أَنَّهُ احْتَجَبَ عَنِ الْخُرُوجِ لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَرَ أَيْضًا بِتَحْرِيقِ حَانُوتِ رويشد الثقفي الَّذِي كَانَ يَبِيعُ الْخَمْرَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ فُوَيْسِقٌ، وَلَسْتَ برويشد، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَاقَ اللَّبَنَ الْمَغْشُوشَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ، قَالَ: وَهَذِهِ قَضَايَا صَحِيحَةٌ مَعْرُوفَةٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ شمس الدين بن القيم الحنبلي فِي كِتَابِ الطُّرُقِ الْحِكَمِيَّةِ: قَدْ مَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ الْغَالَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ سَهْمَهَ وَحَرَقَ مَتَاعَهُ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَمَنَعَ الْقَاتِلَ مِنَ السَّلَبِ لَمَّا أَسَاءَ شَافِعُهُ عَلَى أَمِيرِ السَّرِيَّةِ، وَعَزَمَ عَلَى تَحْرِيقِ بُيُوتِ تَارِكِي الْجُمُعَةِ

1 / 145