قال سلمان: فظهر لنا شيخٌ أَزَبُّ أشعر، قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد واراه، وإذا عيناه مشقوقتان طولًا، وله فم في صدره، فيه أنياب بادية طوال، وإذا له في موضع الأظفار من يديه مخالب كمخالب السباع، فلما رأيناه اقشعرَّت جلودنا، ودنونا من النبيِّ ﷺ.
فقال الشيخ: يا نبيّ الله. أبعث معي من يدعوا جماعة قومي إلى الإسلام، وأنا أردُّهُ إليك سالما إن شاء الله.
فقال رسول الله، ﷺ لأصحابه، أيُّكم يقومُ فيبلِّغُ الجنَّ عنِّي وله عليَّ الجنَّة. فما قام أحد.
وقال الثانية والثالثة، فما قام أحد.
فقال عليٌّ كرم الله وجهه: أنا يا رسول الله.
فالتفت النبيُّ ﷺ إلى الشيخ، فقال: وافِني إلى الحرَّة، في هذه الليلة، أبعثُ معك رجلًا، يفصل بحكمي، وينطق بلساني، ويبلَّغ الجنّ عنّي. قال سلمان: فغاب الشيخ، وأقمنا يومنا، فلما صلَّى النبيُّ ﷺ العشاء الآخرة، وانصرف الناس من المسجد، قال: يا سلمان سر معي. فخرجت معه، وعليٌّ بين يديه، حتى أتينا الحرَّة.
فإذا الشيخ على بعير كالشاة، وإذا بعير آخر على ارتفاع الفرس، فحمل عليه رسول الله ﷺ عليًّا، وحملني خلفه، وشدَّ وسطي إلى وسطه بعمامة، وعصَّب عينيَّ؛ وقال: يا سلمان لا تفتحنَّ عينيك حتى تسمع عليًّا يؤذِّن، ولا يروعك ما تسمع، فإنك آمن إن شاء الله. ثم أوصى عليًّا بما أحبَّ أن يوصيه، ثم
1 / 24