Hawamil da Shawamil
الهوامل والشوامل
Editsa
سيد كسروي
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Bugun
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
Inda aka buga
بيروت / لبنان
وَيَنْبَغِي أَن يُتَذَكَّر فِي هَذَا الْمَعْنى اللَّطِيف الْأَثر الَّذِي يقبله النَّاظر من المنظور إِلَيْهِ، فَإِن هَذَا وَإِن كَانَ بوساطة الْجِسْم فَإِنَّهُ يكون بِلَا زمَان بَّتة. فلست تقدر أَن تَقول: إِن النَّاظر إِلَى كَوْكَب من الْكَوَاكِب الثَّابِتَة يكون بَين فَتْحة عينه وَبَين رُؤْيَته إِيَّاه زمَان.
(مَسْأَلَة)
لم اشْتَدَّ عشق الْإِنْسَان لهَذَا الْعَالم حَتَّى لصق بِهِ وآثره وكدح فِيهِ مَعَ مَا يرى من صروفه وحوادثه ونكباته وَغَيره وزواله بأَهْله وَمن أَيْن اسْتَفَادَ الْإِنْسَان هَذَا الْعرض. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: وَكَيف لَا يشْتَد عشقه إِلَى للْعَالم وَهُوَ طبيعي وجزء لَهُ إِنَّمَا مبدؤه مِنْهُ ومنشؤه فِيهِ وتولده عَنهُ أَلا ترَاهُ يبتدىء وَهُوَ نُطْفَة فينشأ نشوء النَّبَات أَعنِي أَنه يستمد غذاءه بعروق مَوْصُولَة برحم أمه فيستقي الْمَادَّة الَّتِي تُقِيمهُ كَمَا تستقي عروق الشّجر فَإِذا تمّ وَصَارَ خلقا آخر وأنشأه الله - تَعَالَى - حَيَوَان أخرجه من هُنَاكَ فَحِينَئِذٍ يغتذى بفمه ويتنفس فَيصير فِي مرتبَة الْحَيَوَان غير النَّاطِق وَلَا يزَال كَذَلِك إِلَى أَن يقبل صُورَة النُّطْق أَولا فَيصير إنْسَانا ثمَّ يتدرج فِي إنسانيته حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى غَايَة مَا يؤهل لَهُ من الْمَرَاتِب فِيهَا وَلَيْسَ يَنْتَهِي إِلَى الرُّتْبَة الْأَخِيرَة الَّتِي هِيَ غَايَة الإنسانية إِلَّا الْأَفْرَاد من النَّاس وَالْوَاحد بعد الْوَاحِد فِي الْأَزْمِنَة الطوَال والفترات الْكَثِيرَة. وَعَامة الْخلق وَجُمْهُور النَّاس واقفون فِي منزلَة قريبَة من البهيمية وَغَايَة نطقهم وتمييزهم أَن يرتبوا تِلْكَ البهيمية ترتيبًا مَا فِيهِ نظامك عَقْلِي. وَأما أَن يفارقوها ويصيروا إِلَى الْحَد الَّذِي طالبت بِهِ فَلَا وَإِنَّمَا يصير إِلَى هُنَاكَ الْحَكِيم
1 / 284