وهذا الأصل؛ كل من أباه في الجملة قد قال به في التفصيل فنذكر أولا موافقة أبي حنيفة والشافعي لمالك في هذا الأصل:
فمن ذلك أن مالكا كره صيام ست من شوال، ووافقه أبو حنيفة، فقال: " لا أستحب صيامها "، وخالفهما الشافعي، فقال: " يستحب صيامها "!
والحديث منصوص فيه، رواه البخاري عن النبي ﷺ أنه قال: «من صام رمضان وأتبعه بست من شوال؛ فكأنه صام الدهر» .
ولا حجة لمالك وأبي حنيفة إلا أنهما قالا: " التزام هذا يؤدي إلى الزيادة في الفروض، فيجيء الأعراب، وينشأ الأطفال، فإن رأوا الأسلاف والعموم يداومون على صومه؛ اعتقدوه فرضا "!
وعلى هذا المنهاج تدرج صوم النصارى حتى صار خمسين يوما، وذلك أن الله تعالى فرض عليهم صوم شهر رمضان، وذلك بين في قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، فأقاموا عليه برهة من دهرهم، فاشتد عليهم؛ لأنه ربما أتاهم في الحر الشديد، أو في البرد الشديد، فيضرهم في أسفارهم ومعايشهم، فاجتمع رأي علمائهم ورؤسائهم على أن يجعلوا صيامهم في فصل من السنة بين الشتاء والصيف! فجعلوه في الربيع، وزادوا فيه عشرة أيام؛ كفارة لما صنعوا، فصار أربعين يوما! ! ثم اشتكى ملك
1 / 67