فإن كان أراد رسول الله ﷺ بتفرق أمته أصول هذه البدع التي تجري مجرى الأجناس للأنواع، والمعاقد للفروع؛ فلعلهم - والعلم عند الله - ما بلغوا هذا العدد إلى الآن؛ غير أن الزمان باق، والتكليف قائم، والخطوات متوقعة، وكل قرن عصر لا يخلوا إلا وتحدث فيه البدع.
وإن كان أراد النبي ﷺ بالفرق كل بدعة في دين الإسلام؛ مما لا يلائم أصول الإسلام، ولا تقبلها قواعده؛ من غير التفات إلى التقسيم الذي ذكرنا؛ سواء كانت البدع أنواعا لأجناس، أو كانت متغايرة الأصول والمباني - وهذا هو الذي أراده، والعلم عند الله -؛ فقد وجد من ذلك عدد كثير، أكثر من اثنين وسبعين.
ووجه تصحيح الحديث - على هذا - أن يخرج من الحساب غلاة أهل البدع، ولا يعدون من الأمة ولا في أهل القبلة؛ كنفاة الأعراض من القدرية؛ لأنه لا طريق لحدوث العالم وإثبات الصانع إلا بثبوت الأعراض، وكالحلولية، والمنصورية، وأشباههم من الغلاة.
1 / 36