249

Hawaditin Zaman

Nau'ikan

============================================================

فلما كان يوم الجمعة الثاني من شهر شعبان المكرم، وكان ذلك بمرعى سعى لارمن من عمل الري، طلبني النوروز وقال: قد وعد اليوم فاجلس عندي فجلست إلى وقت الجمعة/305/ فلم يحضر الملك، فنزلنا من القصر الذي كتا فيه، وصلينا الظهر في الصحراء. ورأيت جماعة كبيرة من المغل بأيديهم السبح وهم يصلون، ويكثرون التنفل . ثم رجعنا من الصلاة ومضينا للغداء، فنحن نأكل وقيل : قد حضر الملك ومضى إلى الحمام، فأرسلت إليه قميصا، فلبسه ولبس الصوف، وخرج إلى القصر فدخلنا عليه وهو قائم، واجتمع الناس من كل جهة والجيش والخواتين. وكان أمرا عظيما، فوقفت إلى جانبه والنوروز أيضا. وكان معي هيكل فيه من أذكار الشيخ وكلامه وجمعه، فنظر إليه وسأل عنه، فذكر له النوروز ما هو. وأخبره بوالدي، وحكى له من كراماته وأخباره. وأخرجت أنا الهيكل ودفعته إليه فنظر فيه، ثم أعطانيه، فجعلته في غمده، ودفعته إليه، فأخذه وتقلد به من جهة اليمين، فأشرت إليه أن يجعله على العادة من جهة اليسار، ففعل وظهر عليه حياء وخجل، وهو شات لم يبلغ الثلاثين، وفي لونه شقرة، وخرج من الحمام وحصل له الخجل فاشتدت حمرة وجهه.

م إن النوروز تحدث معه في الإسلام، وقال الملك: أوعد بذلك وهذا وقته، فقد حضر فلان ولد الشيخ، فنظر إلي وقال: كيف أقول؟ فقلت، ورفعت أصبعين: /306/ "أشهد أن لا إله إلا الله" فتلفظ بها، ثم قلت: "أشهد أن محمدا رسول الله" فتكلم مع النوروز بالتركية، وقال: "أشهد مرة أخرى"؟ ! فقال: نعم.

فتلفظ بها.

فلما فرغ تقرب العالم والخلايق من مجلسه، ولم يمكن منع أحد، ونثر عليه الذهب والغضة واللولو، وجعل الناس يلتقطونه ويقبلون يد الملك ورجليه ويتبركون به ويزعجون بالأصوات. واشتد الفرح، ولا يمكن منع أحد، ولم يتحاش أحد من قربه من الملك. فارتفع هو على كرسي، وبقي الناس بجنبه يفعلون ما يفعلون وهو يضحك كثيرا.

قال الشيخ صدر الدين: وكان يوما ما أعلم له نضيرا(1) . وسافرت أنا من هناك يوم الثلاثاء سادس شعبان ، ودخلت بغداد في عاشر شوال. وفي الطريق إلىا بغداد اجتمعت أيضا ببيدوا الملك، وكان أمره متماسكا وعسكره وافرا. وأقمت بغداد عشرة أيام، وخرجت منها في العشرين من شوال، وحصل الحج بحمد الله .

(1) الصواب: "نظيرا".

Shafi 248