الشخصية العالمية
المشهور عن جيته أنه أديب عظيم، وقد نقل إلى اللغة العربية من مؤلفاته قصة «آلام فرتر» ودرامة «فاوست» وله أشعار رائعة تذكر أبياتا وقصائد؛ لأن كثيرا من سطورها يحوي الحكمة العالية. وقد كان جيته يكتب يومياته؛ أي إنه كان يدون الحوادث التي مرت به في أيامه يوما بعد يوم، كي يحاسب نفسه على ما أنجز من أعمال، ونحن ننقل هنا يومين في حياته كما دونهما. •••
في الصباح انتهيت من المقطوعة الرابعة وأرسلتها للنسخ. قرأت «فروسشموزلر» عن أنواع الحشرات.
تجارب في الكهربية الجلفانية.
في المساء مع شيلر: أثر العقل والطبيعة في سلوك البشر.
ثم في الصباح المبكر صححت قصيدتي ... ثم قمت بتشريحات الضفدع.
استراحة في الصباح في حديقة شيلر الجديدة ... تحدثنا عن تخطيطها ... وقبل ذلك أعدت النظر في المقطوعتين الأولى والثانية. وفي الصباح صنعت جدولا للألوان. •••
والمتأمل لهذه التدوينات في يومين من أيام جيته يحتاج إلى التساؤل: أأديبا كان جيته أم عالما؟ وهذا السؤال هو موضوع بحثنا هنا.
إن عبقرية جيته لم تكن في الأدب أو العلم أو الفن، وإنما كانت في شخصيته، وصحيح أن له مآثر في هذه الثلاثة، ولكن مأثرته الأولى هي شخصيته، فقد عيب عليه ذات مرة أنه لا يعنى كثيرا بموهبته في الشعر والأدب، فكان جوابه: إن من حقي أن أعنى بشخصيتي، وهي أكبر من أدبي.
إن هم الأديب الصغير أن يصقل قصيدة أو يحسن تأليف قصة أو مقال، ولكن هم جيته كان تأليف شخصيته وتربية نفسه.
Shafi da ba'a sani ba